قبل توقيع إيطاليا معاهدة لندن في 26 أبريل 1915، والتي التزمت من خلالها بالدخول في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الحلفاء، هزت جريمة قتل طفل وحشية لندن.
حدثت عملية الاختطاف والقتل في مدينة مليئة بجنود الدفاع المحلي الذين كانت مهمتهم حماية المواطنين خلال الحرب، بالإضافة إلى العديد من ضباط شرطة العاصمة الذين كانوا يقومون بدوريات في الشوارع.
رغم الفوضى الناجمة عن الحرب، كان الآباء يرسلون أطفالهم في مهام ويسمحون لهم بالمشي إلى أماكن أخرى بمفردهم. كانت تلك الفترة مختلفة جدًا عن اليوم. من المحتمل أن الآباء كانوا يشعرون أن المدينة أكثر أمانًا من أي وقت مضى حتى حطمت جريمة القتل هذه شعورهم بالأمان.
كانت ماغريت “ماغي” نالي، البالغة من العمر 7 سنوات، تعيش مع عائلتها في طريق أمبرلي، بادينغتون. كانت ماغي واحدة من أربعة أطفال وطالبة في مدرسة كل الملائكة في شارع سيرينسيستر.
كانت ماغي فتاة ذكية غالبًا ما كانت تمشي وحدها في لندن لزيارة الأقارب.
في يوم عيد الفصح، 4 أبريل 1915، غادرت منزلها في الساعة 3:30 ظهرًا لتذهب إلى منزل عمتها في شارع كارلايل وطريق إدجوير.
في الساعة 5:15 مساءً، زارت ماغي عمها، هوارد من لواء ريفل لندن، الذي كان يقيم في شارع ريتشموند، ماريليبون. كانت ماغي وحدها وبقيت لبضع دقائق. ثم خرجت لإحضار بعض الأشياء لزوجة عمها، وعادت، ثم غادرت مرة أخرى قائلة إنها ستزور عمتها، بيتي سكوت، التي كانت عمة ماغي بالمصاهرة – فلقد كانت متزوجة من عم ماغي من جهة الأب. وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي رآها فيها عمها.
كانت عائلة سكوت تقيم في 112 شارع كارلايل. وكانت السيدة سكوت قد أخذت ابنة بيتي، أليس ماري سكوت، البالغة من العمر 5 سنوات، إلى منزل جون، وعندما عادت هي وأليس إلى منزلهما عند الساعة 4:20 مساءً، كانت ماغي تنتظرهما.
“والدك في منزل جدك. هل ستذهبين إلى هناك؟” سألت السيدة سكوت ماغي، والجدير بالذكر أن منزل الجد يقع في نفس الحي.
قال عمها: ” جاءت لرؤيتي بين الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر يوم الأحد، لكنها لم تتوقف طويلاً. قالت إنها ذاهبة لرؤية عمتها التي تعيش في نهاية الحي. آخر مرة رأيتها كانت قبل الغسق عندما جاءت لتتحقق مما إذا كان عمها موجودًا. اقتربت فقط من الباب لكنها لم تدخل. ونظرًا لأن عمها لم يكن هنا، عادت إلى عمتها”.
والمعروف أن الناس رأوها تلعب مع أطفال آخرين في زاوية الشارع عند الساعة 8 مساءً. كانت ستعود إلى منزلها عبر طريق كليفتون، إلى ووريك أفينيو، ومن هناك إلى شارع فورموزا. كانت دائمًا يٌقال لها ألا تذهب على جانب القناة. كانت ذكية جدًا في المدرسة وتهتم بشدة بالكتب. قالت عمتها: “عندما كانت تأتي لرؤيتي، عادةً ما كانت تقلب جميع كتبي وأوراقي لترى إذا كان هناك أي صور. قبل أن تغادرني يوم الأحد بعد الظهر، أعطيتها نصف بنسة لشراء بعض الحلوى.
كانت ماغي قد طلبت من أليس الذهاب إلى منزل جون، لكن أليس كانت قد عادت للتو. قالت أليس: “الجد أعطاني بنسة”.
اقرأ ايضًا: مقتل جين فان، جريمة صادمة قبل الحرب العالمية الأولى
ذهبت الفتاتان إلى محل السيد نايت عند زاوية شوارع ريتشموند وكارلايل واشتريتا بعض الحلوى المختلطة.
رأت السيدة سكوت ماغي مرة أخرى في الساعة 7:30 مساءً في الشارع وطلبت منها العودة إلى المتجر لشراء بعض الكبريت. عندما عادت ماغي، أشعلت السيدة سكوت الغاز، ولعبت الفتيات على البيانو. لكن العزع على البيانو جعل بيتي تصاب بالجنون لأنها كانت تعاني من صداع شديد.
“رجاءً توقفوا. رأسي يؤلمني”، قالت للفتيات. أعطتهم بيتي بنسة أخرى، وعادوا مرة أخرى إلى محل السيد نايت لشراء المزيد من الحلوى.
في الساعة 8 مساءً، عادت أليس إلى المنزل بمفردها، قائلة للسيدة سكوت: “ماغي قد ذهبت إلى المنزل.” في الساعة 9:15 مساءً، ذهب والد ماغي، جون هنري نالي، إلى منزل سكوت بحثًا عن ابنته عندما لم تعد إلى المنزل. بدأ يبحث عن ماغي لكنه لم يعثر عليها.
في الساعة 11:53 مساءً، عُثر على جثة ماغي في محطة أولديرسغيت، التي سُميت لاحقًا باربيكان. وقد قُتلت “بوسائل فظيعة، تعرضت لسوء معاملة قاسي يظهر آثاره على جسدها، تم الإعتداء عليها حتى لفظت انفاسها الأخيرة وتم التمثيل بجثتها”.
وجد الطبيب الشرعي، الدكتور برنارد سبيلسبوري، الذي قام بالتشريح، قطعة من قماش داخلي في فمها. استخدم القاتل القماش لإسكات صرخاتها وخنقها.
قام سبيلسبوري بفحص محتويات معدتها ووجد أن ماغي تناولت وجبة تحتوي على لحم ودهون في غضون 90 دقيقة من وفاتها.
أخذت الشرطة عينات من اللحم من محل جزارة بالقرب من طريق إدجوير. كان هناك حانة بالقرب من المتجر التي زارها جنود في الساعة 8 مساءً في ليلة وفاة ماغي. رفض أحد الجنود الشرب لأنه كان قد تناول كمية كافية من الكحول.
أسفرت التحقيقات الشرطية عن ظهور عدة شهود رأوا الفتاة الصغيرة في أجزاء مختلفة من لندن في مساء عيد الفصح. رأى سائق حافلة ماغي مع رجل على الخدمة بين باوند لاند وجسر لندن في الساعة 8:16 مساءً. دخل الاثنان الحافلة خارج متجر غاردنر على طريق إدجوير. كان الرجل في الثلاثينات من عمره، يرتدي زي كاكي، ويبدو أنه كان يشرب.
وفقًا للسائق، “كانت الفتاة الصغيرة بين ست وثماني سنوات، ذات وجه مستدير، ومظهر صحي، ترتدي معطفًا رماديًا داكنًا وبدون قبعة”، كما أفادت صحيفة “ماي لندن نيوز”.
كانت الطفلة تبكي ولا تريد الصعود إلى الحافلة، لكن الرجل دفعها إلى الخطوات وقادها إلى مقعد في الخلف.
توجه الرجل بعد ذلك إلى مقدمة الحافلة وسأل السائق، “هل تذهب إلى كينغز كروس؟” أجاب السائق بنعم وأخبر الرجل أن التكلفة ستكون “ثلاث ,نصف بنسات لكل منهما”، اشترى الرجل تذكرتين، وقام السائق بختمهما وسلمهما للرجل. تقول بعض التقارير إن الرجل كان جنديًا.
شاهد شاهد آخر، إدوارد سبنسر، امرأة مع طفل في يوم عيد الفصح في قاعة الحجز في محطة أولديرسغيت. كان سبنسر عاملًا هناك.
قال جندي إنه وجد قبعة ماغي في دار سينما في ليلة قتلها. كان الجندي في إجازة في لندن. قال إنه كان في سينما غراند في يوم عيد الفصح الساعة 9 مساءً. كانت السينما تبعد حوالي ربع ميل عن المكان الذي رأى فيه ماغي آخر مرة وهي على قيد الحياة.
كان هناك مقعدين فارغين أمامه وقبعة في أحدهما. كانت القبعة مشابهة لقبعة ماغي. عندما اختفت ماغي، كانت ترتدي قبعة بلون رمادي مزرق مزينة بزهور كروية بيضاء.
قال الجندي إنه التقط القبعة وارتداها لمدة 10 دقائق تقريبًا، وهو يمزح. ثم ألقاها إلى بعض الفتيات الجالسات بالقرب منه. وصلت الشرطة إلى السينما للبحث عن القبعة لكنها لم تعثر عليها.
تلاشت التحقيقات في جريمة قتل ماغي. ثم، في مارس 1916، تم احتجاز رجل من قبل شرطة مانشستر فيما يتعلق بجريمة قتل ماغي. ومع ذلك، بمجرد أن رآه المحققون في لندن، لم يصدقوا أنه القاتل ولم يتم حل جريمة قتل ماغي.
صرحت والدة ماغي بعد وفاتها: “لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يغريها بالابتعاد لأنني دائمًا ما حذرتها من اتباع أو الذهاب مع رجال غرباء، وأنا متأكدة أنها ستفعل ما أخبرتها به”.
لكن إذا كانت ماغي تعرف الرجل، فستكون قصة مختلفة، لذا من غير المحتمل في أنها كانت تعرفه.
أفادت إحدى المصادر أن أليس رأت ماغي مع رجل وصفته بأنه كبير في السن، والذي بالنسبة لطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات يمكن أن يكون أي شخص فوق العشرين عامًا .
للأسف، تمكن قاتل الأطفال من الإفلات من هذه الجريمة الرهيبة. من المحتمل أنه قد قتل قبل وبعد ماغي.
حدثت جرائم مشابهة في لندن حيث اختفت بيرثا إندريكا روس، البالغة من العمر 6 سنوات، في 19 فبراير 1899. كان ذلك اليوم أيضًا يوم أحد. غادرت منزلها في الساعة 2 مساءً وذهبت إلى المدرسة التابعة لكنيسة سانت بارناباس. بعد انتهاء المدرسة في الساعة 4 مساءً، سألتها المديرة إذا كانت ستبقى لحضور مراسم تعميد، لكنها قالت إنها ترغب في العودة إلى والدتها.
رأى الشهود بيرثا وهي تسير نحو شارع بايرون لكنها عادت إلى المدرسة. رأتها امرأتان عند بوابة المدرسة، لكن البوابة كانت مغلقة، وبدأت تبكي. اقترب منها رجل يبلغ من العمر حوالي 18 عامًا وتحدث إليها. ثم سار نحو شارع شيلي. استمرت بيرثا في البكاء، وركضت نحو شارع شيلي، و”تجاوزت الرجل”، كما أفادت صحيفة “ذا بيبول”. ثم مشت بيرثا والرجل معًا.
لم تتعرف النساء جيدًا على وجه الرجل، لكنهن ذكرن أنه كان يرتدي قبعة بنية ومعطفًا وسروالًا داكنًا.
بعد أسبوعين، في يوم الأحد 5 مارس 1899، اكتشف زوجان كانا يتفحصان منزلًا حديث البناء خزانة طويلة ووجدوا بيرثا ميتة داخلها في وضعية جلوس. كان المنزل يبعد أكثر من ميل عن منزل بيرثا ومدرسة الأحد.
توفيت بيرثا خنقًا عندما وضع القاتل قطعة قماش في فمها. لم تحل الشرطة قضيتها أيضًا.
الرجل الذي شوهد مع بيرثا كان في الفئة العمرية لقاتل ماغي. كان من الممكن أن يكون في الثلاثينات من عمره في عام 1915. من الجدير ذكر جريمة قتل بيرثا. من المحتمل أن بيرثا كانت تعرف الشاب الذي تبعته، والطبيب الذي قام بالتشريح لم يعتقد أنها تعرضت للاعتداء الجنسي.
قبل فترة قصيرة من جريمة قتل بيرثا، قُتلت ماري جاين فولر، البالغة من العمر 5 سنوات، بشكل وحشي في باركينغ، لندن، بالقرب من إيست هام. أرسلت والدة الفتاة ابنتها إلى متجر قريب بعد قليل من الساعة 5 مساءً في ليلة رأس السنة الجديدة عام 1898. عثر والد ماري على جثتها في خندق غارق لاحقًا تلك الليلة. كانت قد قُطعت حنجرتها. ولا تزال قضيتها غير محلولة.
قبل ساعات من وفاتها، أخبرت ماري والدتها أنها رأت كابوسًا في الليلة السابقة. في الحلم، جاء رجل ليأخذها. أخبرتها والدتها لاحقًا أنه “يجب ألا تصرخ في السرير.” أجابت ماغي: “عندما أكون في السرير، يوجد دائمًا رجل تحت السرير، ويوقظني”.
المصدر: فايند غريف، هيستوري ريفايل ارشيف، ان ريكفورد