إذا كنت تعتقد إن الأفلام قد اظهرت لك السجون بشكل مأساوي من ناحية التعذيب والفساد قد عكس صورة السجن في الحياة الحقيقة، فأنت مخطىء تمامًا، وذلك لان الأفلام لم تتطرق الى الحقائق المظلمة اكثر في عالم السجون الأمريكية.
الطعام سيء جدا لدرجة إنه اصبح مثالًا دارجًا
هنالك سبب لوصفنا الطعام السيء بأنه يشبه طعام السجون، فهنالك اسم لوجبة شهيرة تقدم للمساجين تسمى نوترالوف، ناهيك ان اسم الوجبة غريب ومخيف، فمكوناتها وطريقة تقديمها قد لاتكون على لائحة الأكلات التي ترغبون بتذوقها.
تختلف هذه الاكلة بطريقة عملها من ولاية امريكية الى اخرى ولكنها تجتمع بالمكونات والتي اساسها ألياف القمح وعدة مكونات اخرى مثل البطاطا، الجزر، الفاصوليا، الشوفان، الارز، واللحم.
كما نلاحظ ان المكونات تبدو بذلك السوء عندما نسمي كل واحدة على حدة، لكن المشكلة إنها تصبح غير قابلة للأكل حينما تهرس معًا، فلقد وصفها الذين تذوقوها بانها صعبة المضغ وكأنك تحاول ان تمضغ صخرة، ناهيك ان لا طعم لها فنكهات المكونات تضيع جميعها على نحو غريب، ليتم تقديم هذه الأكلة كنوع من انواع العذاب للسجناء.
ولكن نوترالوف لا يتم اطعامها لكل السجناء، فهي تقدم خصيصا للسجناء الذي يسيئون التصرف في باحة الطعام، اما بمهاجمة الحراس او السجناء الاخرين، او يتصرفون بحماقة، فعندما يحدث هذا يعاقب السجين من خلال متعته الوحيدة خلال اليوم، إلا وهو ميعاد تناول الطعام، فيتم اطعامه اكلة نوترالوف والتي تعد كافية لابقائه على قيد الحياة، قد يبدو الامر جنونيًا ولكنه فعال.
في السنوات الاخيرة، قام بعض السجناء برفع قضية على السجن الذي يضمهم معللين بأن وجبة نوترالوف تعد انتهاكًا لواحد من الحقوق الثمانية، وهو الحق الذي ينص على منع استخدام العنف و انواع غريبة للتعذيب، حيث تندرج نوترالوف تحت انواع غريبة من التعذيب، ولكن القضية لم تفز بالمحكمة، إذ إن الوجبة فهي لا تسبب المرض أو نقص في الفيتامينات الاساسية التي يحتاجها الجسم او تسبب له فقدان في الوزن، فالحق لم ينص على انه يجب تقديم الطعام بطريقة جمالية اوان يكون الطعام لذيذًا، لذا فان نوترالوف لا تنتهك حقوق السجين.
ولكن مع ذلك فإن بعض الولايات تتجه الى تمرير قانون منع تقديم وجبة نوترالوف في السجون، وسببهم هو أن السجين قد يصبح عنيفا اكثر من ذي قبل.
3 – سوف تتجمد من البرد في الشتاء وتتصبب عرقًا في الصيف
في الزمن القديم كان يرمى بالسجناء في سجون رطبة متعفنة لا تحميهم من امطار الشتاء، ويُتركوا ليتعفنوا فيها الى الابد، او ينفد صبر الحراس من صراخهم ليل ونهار، فيضربوهم حتى الموت.
صحيح ان الوضع تغير الان، فلن يُلقى بك في السجن مدى الحياة لمجرد سرقتك رغيف خبز، ولكن هذا لا يعني ان الوضع في السجن قد تحسن في وقتنا الحالي، فعندما يُقبل فصل الشتاء غالبًا مايشتكي السجناء من ولاية تكساس الى بنسلفانيا الى نيوجرسي من انهم يتركوا لبرودة الشتاء القارصة بلا اغطية كافية بسبب تعجرف وسوء معاملة بعض الحراس لهم، تخبرنا كيلسي دي افيلا وهي مديرة قسم لاحدى مراكز المحاماة في بروكلين” كل سنة تصلنا الشكوى ذاتها من السجناء وهي انهم يفتقرون للملابس والبطانيات اللازمة لفصل الشتاء، فلا يتم استخدام اي تدفئة، وبعض النوافذ تسرب الهواء البارد للزنزانة، وعندما يطلبون المزيد من الملابس والبطانيات عليهم ان يتوسلوا ويطلبوا اكثر مرة ليُستجاب احيانا لطلباتهم”.
وهذا لايعني بالطبع ان الوضع افضل في الصيف، فمنذ عام 1998 مات اكثر من 20 سجينًا بسبب الحر الشديد، حيث إن هنالك 13 ولاية مناخها حار لا تستخدم اي مكيفات هواء في سجونها، مما يسبب بعض الهلوسات والغثيان عند السجناء.
المناخ في تغير دائم لذا فان الجو سيزداد حرارة في السنوات المقبلة، مما يزيد من حالات الهلوسة والغثيان والموت احيانًا، ففي العام 1991، اقرت المحكمة العليا الأمريكية ان عدم توفير درجة حرارة مناسبة ورفض اعطاء ملابس وبطانيات للسجون يعتبر انتهاك لحقوق الانسان، ولكن لازال السجناء يشتكون من درجات الحرارة الغير ملائمة.
ربما يتم وضعك في سجن تم بناءه على مخلفات مواد كيميائية سامة
من خلال قراءتك للمقال لابد وانك استنتجت ان النظام لايعير اي اهمية لكرامة الانسان او لحياة السجين، ربما يكون النظام فاسد وعديم العاطفة، ولكن العاملين على تطبيقه ليسوا وحوشًا، اليس كذلك؟
في الحقيقة لا يمكننا تأكيد صحة ذلك، فهم قد قاموا بإنشاء سجن بالقرب من مخلفات سامة، ففي الولايات المتحدة الاميريكية وحدها هناك اكثر من 1800 سجن، منها 580 سجن على مقربة ثلاثة اميال من اراض ملوثة غير ماهولة تضر بصحة الانسان، واكثر من 130 سجن على مقربة ميل واحد او اقل من ارض ملوثة، اي قريبة بما فيه الكفاية ليتنفس السجين الابخرة الملوثة وليعاني من آثارها الجانبية.
هذا تحديدًا ماحدث في سجن فيكتورفيل الفيدرالي بولاية كالفورنيا، الذي بُني على اكاديمية عسكرية قديمة، حيث تشير التقارير الى ان المنطقة ملوثة واشعاعية وحتى المياه التي تصلها ملوثة ايضًا، لربما هم قد علموا بالامر قبل ان يقرروا بناءه، ولم يعيروا اهتمامًا، او انهم لم يكونوا على علم بذلك، لكن بالنتيجة فقد عانى السجناء من قرحة في المعدة نتيجة نوع من البتكيريا موجودة في الماء الملوث.
يبدو ان الامر ليس صدفة، فكلما نجد بقعة ملوثة وقد هجرها سكانها، نلتفت لنجد سجن يبعد بضعة اميال عنها، وهنالك سجن ولاية كاليفورنيا الذي بني على تربة تحوي فطر هيلموث والذي سبب مشاكل في التنفس للسجناء على مدى سنوات، وسجن الحماية المشددة في بنسلفانيا حيث يعاني بعض سجناءه من السرطان بسبب بنائه على ارض ملوثة بالزرنيخ والزئبق.
وسجن ريكيرز ايلاند ايضًا في ولاية نيويورك الذي بني على ارض ملوثة، حيث يعاني الحراس والعاملين فيه بالإضافة الى السجناء من سعال دموي.
لن يعاد تأهيلك في السجن الخاص
هل السجن هو لمعاقبة او لاعادة تاهيل السجناء؟ لا نعلم هذا، ولكن السجن الخاص موجود ليحقق ربحًا، فالسجون الخاصة ليست تابعة للدولة لكنها تتقاض ثمًنا مقابل كل سجين ترسله الدولة اليها.
في السجون التابعة للحكومة لن يكون هنالك اعادة تاهيل بالشكل المطلوب فهو غير ممول بالشكل الكافي ولكن بعض البرامج تثمر بالفائدة على البعض من السجناء، أما السجون الخاصة فلديهم ايضًا برامج اعادة تاهيل كجزء من اتفاقية مع الحكومة، ولكن السجون الخاصة لا تنفق اموال كثيرة على البرامج تلك، فعمل السجون الخاصة يختلف تمامًا عن الأعمال والإستثمارات الخاصة التي تزدهر مع رضى الزبون، فالسجون الخاصة تزدهر من عدم رضى السجين على الاطلاق، فكلما قل تاهيل السجين كلما طال بقاؤه في السجن وكلما ربح السجن اكثر!
فالأمر يبدو منطقيًا بالتاكيد، لن تنفق تلك الشركات التي تدير السجون الكثير على إعادة التأهيل ولن يتركوه كذلك بدون أي نوع المساعدة، لكنهم وعلى احسن تقدير سينفقون عليه إنفاقًا محدودًا، ولن يكون بتلك الفائدة المبتغاة بالنسبة للسجين.