يميل الناس للاعتقاد أن الأشخاص الذين عاشوا في الزمن القديم كانوا أغبياء وحمقى، ولكن المثقفون منهم يعتقدون أننا لكي نفهم التاريخ جيدا علينا أن نتبع المسار المناسب أي المعرفة، ولنأخذ الطب على سبيل المثال فلقد كان الناس يعتقدون أن الأمراض من صنع الشياطين والساحرات، وكان من الطبيعي أن يفكروا هكذا نتيجة لمحدودية المعرفة آنذاك.
لذا سوف نغوص في التاريخ الطبي القديم ونقدم لكم ما كان يعتبر طبيعي تماما في ذلك الوقت..
7 – نفخ دخان السجائر في مؤخرة المريض كان يعتبر علاج شائع
منذ وجد الانسان وجدت مؤخرته معه، لذا كان المعالجون يضعون مختلف المواد في فتحة المؤخرة لمجرد رؤية ماقد سيحدث، فعند شعب المايا كانوا يضعون أدوية الهلوسة في المستقيم كجزء من طقوس رحلتهم الى عالم الأرواح، وفي أوروبا، كان الأطباء ينفخون دخان السجائر في مؤخرة المريض!
عازف بوق المؤخرة، وللتوضيح أكثر الشخص المختص يقوم بنفخ دخان السجائر عن طريق البوق في مؤخرة المريض كان هذا العلاج يمارس في القرن الثامن عشر، حينها كان التبغ بكل أنواعه يستخدم في معالجة كل شيء من المغص، التقيؤ، آلام المفاصل إلى الانزلاق الغضروفي.
هذا العلاج يعود اصله الى الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، استخدم لأول مرة كطريقة لانعاش الغريق، بالتأكيد لدينا الكثير من الاسئلة لهذا المنقذ الذي اقترح مثل ذلك العلاج وتحديدا ما الذي كان يفكر فيه حينها، حينما قدم المستوطنون لأمريكا الشمالية نشروا هذا العلاج في أوروبا واستخدموه في شتى المجالات.
فلقد كان من الشائع حينها في اوروبا واميركا ان يستخدم هذا العلاج عندما يشعر الشخص بتوعك في المعدة على سبيل المثال حيث يطلب من صديقه أن ينفخ الدخان في مؤخرته عله يشعر بتحسن، استمر بعدها لسنوات عدة و اختفى هذا الاستخدام للتبغ في مطلع القرن التاسع عشر.
إضافة لهذا فإن هذا العلاج لم يكن استخدامه حكرًا على البشر حيث كان البعض يستخدمه في مؤخرة الحصان.
6 – العمليات التي كان يقوم بها الجراح جون اردرين اشبه بالكابوس
الناسور الشرجي هو عبارة عن غدد متقيحة تنمو حول فتحة الشرج من الخارج أو الداخل تسبب اغلاق وتعرقل في عملية الإخراج واحيانا انزعاج والم شديد، وهذا المرض يكاد يكون نادر في زمننا هذا، حيث ان المسبب الأكبر له هو ركوب الخيل وهو ما كان شائعًا في القرون الوسطى.
ففي القرن الرابع عشر للميلاد كان هناك طبيب يدعى جون اردرين، الذي طور طريقة لعلاج مؤخرة الفارس المصاب بالناسور.
كانت الطريقة التي يتبعها جون هي كالتالي حيث يقوم بادخال اداة حادة مربوطة بحبل في الغدة حتى يصل الى المستقيم ليخرجه من فتحة الشرج فيلتقي طرف الخيط مع الفتحة الاولية ليربط طرفا الخيط معا(اشبه مايكون بالخياطة)، الصورة ادناه توضح الموضوع اكثر.
هنالك العديد من الصور اذا رغبت بالبحث عنها اكثر والاطلاع عليها، قبل موته نشر اردرين كتابا طبيا خاصا عن هذه العملية، ولقد كانت منتشرة بشكل كبير كحال الكثير من الأمور في وقتها، بالرغم من وحشية الطريقة التي تجرى بها العملية الا انها حققت نجاحا باهرا وقد لمع اسم اردرين نتيجة لجهوده في تطوير هذه العملية التي خدمت الكثيرين في وقتها.
بالتاكيد ان نجاح هذه العملية لم يتعد الخمسون في المئة، ولكن في ذلك الزمن يعتبر هذا تقدم هائل، حيث كان النبلاء والفرسان لابديل لهم سوى هذه الطريقة حتى لو إن احتمالية فشلها عالية، إلا إنها أفضل من لا شيء.
5 – استخدام جهاز هزاز حراري على النساء
استخدام جهاز الهزاز النسائي لعلاج الهستيريا، او كما كان يعتقد بالخطأ انه هستيريا شائعة بين النساء، فعلى مايبدو ان الجهاز كان مريح جسديا ونفسيا وبالخطأ عُد انه يعالج شيئًا ما.
قام الاطباء باختراع جهاز اسهل من ناحية الاستخدام فبعيدا عن الاستخدام اليدوي، طوروا جهازًا ذو طاقة بخارية، ليس جهازا صغيرا بل جهاز حراري ضخم يبدو وكانه اقرب الى عالم فرانكشتاين!
في منتصف القرن التاسع عشر قام جورج تايلور بتطوير جهاز هزاز حراري واسماه المداعب ليستخدم في علاج آلام الحوض والفتق، في تلك الفترة في العام 1860 لم يحبذ تسمية محفز أو أي كلمة قد تكون لها علاقة بالأعضاء التناسلية.
الجهاز يستخدم على النحو التالي، تتمدد المريضة على طاولة مبطنة وتفرد ساقيها، لكي تشعر بالنشوة التي لم تحصل عليها مع زوجها، وقد حذر تايلور ايضا من الاستخدام المفرط للجهاز وان على المريضة استخدامه تحت اشراف طبيب مختص، ناهيك أن الهزاز اليدوي كان مستخدم منذ القرن الثامن عشر إلا أن هذا الاختراع لتايلور كان المحرك الذي يشغله ياخذ حيز غرفة بأكملها اضافة الى ان استخدام حرارة البخار بالقرب من المناطق الحساسة يشكل ضربا من الجنون.
4 – العلاج بالماء كان في الحقيقة سكب الماء او اسوء
إذا كنت في يومنا هذا تبحث في محرك البحث عن معنى الهايدروثيرابي او العلاج بالماء سوف تجد الكثير من الصور لاشخاص مستلقين في الماء يبدو عليهم الراحة، ولكن قبل مئات السنين كان العلاج بالماء أشبه بالتعذيب.
في الحقيقة أن هذه الطريقة في العلاج كانت شرعية لعلاج المرضى الذي يعانون من خلل عقلي في الفترة الممتدة ما بين القرن السابع عشر والتاسع عشر للميلاد.
العلاج بالماء ليس جديدا فهو يعود الى الاغريق، ولكن في العام 1600 قام الكيميائي والفيزيائي الهولندي جان هيلمونت باستخدامه لمعالجة المرضى النفسيين وأصبح اكثر شيوعًا حينها.
كان المرضى الذين يخضعون لعلاج هيلمونت يوضعون تحت مجرى مياه قوي او يُضخ عليهم الماء بشكل مفاجىء ومستمر، وكأنه يحاول أن يخنق الجنون الذي في داخلهم، تطور هذا العلاج ليصبح بما يسمى الحمام المفاجىء، حيث يُرمى المريض في حمام مائي مباغت.
كان هذا العلاج يعد كنوع من علاجات الصدمة، لكي يعيد المريض الفاقد عقله الى عالم الواقع.
3 – كرسي التعذيب استخدم لعلاج المرضى المضطربين عقليًا
يمكننا بالتأكيد القول ان بنجامين راش لديه سيرة ذاتية غنية اكثر منا جميعًا، فهو جراح وطبيب نفسي وسياسي أمريكي واحد الموقعين على وثيقة الاستقلال الاميريكية، بالرغم من عظمته وذكاءه الا انه كان يستخدم التعذيب لمعالجة الاضطرابات العقلية.
استخدم راش كرسي اسماه بالكرسي المهدىء وعلى العكس من هذا فقد كان الكرسي أشبه بأداة تعذيب، فلقد كان العلاج كنوع من العلاج بالصدمة حيث ان هذا العلاج يستنزف اي احساس لديك بكل شيء ليجعلك تنصاع للطبيب ويطرد الجنون منك بالكامل!
كما نشاهد في الصورة كيف يتم ربط المريض ووضع دلو في الاسفل لجمع الفضلات والجنون معًا ربما، الفكرة كانت هي إيصال الدم للدماغ عن طريق تقليل قدر الإمكان من حركة العضلات لذا يقوم بربط المريض على هذا الكرسي ليرجع الى صوابه، قام بعدها بتطوير علاجه اكثر حيث كان راش أول من توصل لفكرة ان المرض النفسي له علاقة بالدماغ وليس بالشيطان، وهذه نقطة مهمة حيث جعلته من أشهر بل من اوائل الاطباء النفسيين في امريكا حيث يلقب بأبو الطب النفسي الأمريكي.
قام راش ايضًا بعمل ما يسمى بالكرسي الدوار حيث كان يوضع المريض فيه ليدور ويتأرجح حتى الغثيان حيث كان راش يعتقد أن بهذه الطريقة سوف يحفز جريان الدم اكثر لكي يصل الى الدماغ مما يجعل الشخص أكثر عقلانية ولكن لم يفلح كثيرا في هذا الموضوع ولكن المهم انه استند بتجاربه على فكرة سليمة وهي أن المرض النفسي أساسه الدماغ، أبحاث راش في طب النفس ألهمت الكثير من الأطباء ليطوروا ادوات شبيهة بتلك التي اخترعها.
2 – طبيب نفسي يعالج الجنون بواسطة بيانو القطط
الطبيب النفسي الألماني جوان كريستيان ريل كان يعتقد أن أفضل طريقة لعلاج المريض النفسي هي تعريضه لامور مزعجة ومقلقة ليعود الى صوابه.
لذا فلم يكن يستخدم العلاج بالمياه، بل اتجه لعلاج مختلف وهو أن يفزع المريض فيعود الى صوابه، حيث كان يعتقد ان المريض يحتاج أن يخاف أو يشعر بالفزع او أن يشاهد امر مدهش إلى حد لا يستطيع اغماض عينيه، فالفكرة كانت ان يربط المريض بعالم الواقع أكثر ويجعله مستيقظ وواع بما يجري حوله.
لذا اخترع بيانو القطط، الذي كان اشبه بلوح مفاتيح، حيث يقوم بوضع ذيل القط تحت مفتاح البيانو، وعندما يقوم احدهم بالعزف على المفاتيح يضغط على ذيل القط ليبدا صراخ القطط المتألمة، ربما سيشعر المريض حينها انه في عالم آخر، في وسط صيحات القطط مما يعيده إلى وعيه وتركيزه على الواقع.
أبحاث ريل في علم النفس كانت مهمة بحيث كان ريل هو أول من صاغ كلمة “نفسي” وحث على معالجة الأمراض النفسية بواسطة أفضل الأطباء ويعود لريل الفضل في الكثير من الأمور التي مهدت لنشوء علم النفسي الحديث، حيث يعتبر من الآباء المؤسسين.
1 – زراعة خصية من الحيوان إلى الإنسان
في بداية القرن العشرين كان الطب في مرحلة جيدة جدا من التقدم، وبالتأكيد هذا التقدم في الطب ما كان سيحدث لولا الكثير من التجارب والأخطاء، لذا فالطب الحديث اليوم يعود بالفضل الكثير لاطباء القرون التي مضت الذين كانوا يحاولون ما في بوسعهم لمعالجة المرض ولاكتشاف لغز الجسم الإنساني، فلولا تراكم المعرفة لما كان هنالك أي تحسن في جودة الرعاية الصحية الحالية.
عمليات الزراعة التي جذبت الاطباء في بداية القرن العشرين هو محور حديثنا في هذه النقطة، بدأ الأمر مع طبيب فرنسي يدعى سيرج فيرانوف الذين كان يقوم بعمليات زراعة خصية من المحكوم عليهم بالإعدام لرجال اغنياء على استعداد ليدفعوا مبالغ طائلة لاستعادة قوتهم الجنسية، ولكن المحكوم عليهم لم يكونوا كمصدر دائم فحصوله عليهم يتذبذب بين الحين والآخر، لذا قرر فيرانوف ان يستخدم خصية القرود بدلا من الانسان.
اشتهرت هذه العملية في باريس عام 1920، حيث كان يطلبها الاغنياء ورجال الدولة.
حاول طبيب امريكي يدعى جون بريكلي ان يقوم بهذه الزراعة ايضا ولكنه لاحظ عدم توافر القردة في المنطقة، لذا فبدل عن هذا لجأ إلى استخدام خصية الماعز وعلى العكس من فيرانوف كان بريكلي يفتقد للمهارة العملية.
لم يهتم بريكلي بجودة عمله بقدر اهتمامه بكسب المال الوفير والسريع، حيث مات 42 شخص من ضمن 100 شخص اجرى لهم العملية، بحلول العام 1930 كان بريكلي قد اصبح مليونيرا ولكن في 1940 اتهم بالاحتيال ورفعت عليه الكثير من القضايا في المحكمة، ولابد انه كان مشهد مضحك ولا يحسد عليه اذا وقف احد المدعوون قائلًا “لقد اعطيتك أموالي لاحصل بالمقابل على خصية ماعز! اريد استعادة نقودي بالكامل”.