قضية مارلين شيبارد التي ضُربت ببشاعة حتى الموت!

في 4 يوليو 1954، عُثر على ماريلين شيبارد، البالغة 31 عاماً، مقتولة في منزلها في باي فيلج بولاية أوهايو. كانت حاملاً في شهرها الرابع بطفلها الثاني، وقد ضُرِبت حتى الموت وهي في سريرها، بينما كان …

تحذير - قد تحتوي المقالة على مشاهد ونصوص مزعجة وحساسة، يرجى اخذ الحيطة.

في 4 يوليو 1954، عُثر على ماريلين شيبارد، البالغة 31 عاماً، مقتولة في منزلها في باي فيلج بولاية أوهايو. كانت حاملاً في شهرها الرابع بطفلها الثاني، وقد ضُرِبت حتى الموت وهي في سريرها، بينما كان ابنها البالغ سبع سنوات نائماً في غرفة قريبة.

صرّح زوجها، الطبيب سامويل شيبارد، وهو جرّاح أعصاب عظامي ذو سمعة طيبة، بأن متسللاً قتلها ثم أفقده الوعي، لكن الشرطة ارتابت في أقواله. إذ أظهر التشريح أن ماريلين كانت على الأرجح قد فارقت الحياة منذ ساعات قبل أن يُبلغ سام أيّ شخص، كما أن اتصاله الأول كان بصديقٍ له يشغل منصب عمدة باي فيلج، وليس بالشرطة.

ومع تقدّم التحقيق، كشف المحققون أدلة إضافية ضد سام. فلم تكن هناك آثار لكسرٍ أو دخولٍ قسري؛ وقد قام شخصٌ ما بتنظيف أثر دمٍ بين غرفة نوم ماريلين وحوضٍ في القبو؛ كما عُثر على ساعة سام الملطخة بالدماء ملقاة خلف منزل آل شيبارد. وفي المقابل، كانت لدى سام إصاباتٌ في العنق يصعب إحداثها بنفسه، ولم يوجد دليلٌ ماديّ قاطع يربطه بمسرح الجريمة.

أُدين سام شيبارد في نهاية المطاف بقتل زوجته وحُكم عليه بالسجن المؤبد، غير أن المحكمة العليا الأميركية أبطلت الإدانة لاحقاً. وحتى اليوم، تبقى جريمة قتل ماريلين شيبارد بلا حل.

حياة ماريلين شيبارد قبل مقتلها

وُلدت باسم فلورنس ماريلين ريس عام 1923، ونشأت ماريلين شيبارد في أسرة ميسورة الحال في كليفلاند. كان والدها مخترعاً ناجحاً ونائب رئيسٍ لشركة تصنيع، لكن أحوال العائلة تبدّلت حين توفيت والدتها أثناء الولادة عام 1929. وعندما بلغت السادسة، أُرسلت ماريلين لتعيش مع أقارب لعدة سنوات قبل أن تعود إلى منزل والدها وزوجته.

التقت ماريلين بزوجها المستقبلي، سام شيبارد، خلال المرحلة الثانوية، واستمرّت علاقتهما حتى الجامعة. تزوّجا عام 1945 واستقرا في ضاحية باي فيلج الهادئة بأوهايو، قرب كليفلاند. أصبح سام جرّاح أعصاب محبوباً في مستشفى محلي، بينما تولّت ماريلين شؤون البيت ورعاية ابنهما صموئيل شيبارد جونيور، المولود عام 1947. وبحلول عام 1954، كانت ماريلين حاملاً في شهرها الرابع بطفلهما الثاني.

اتسمت ماريلين بجاذبية طبيعية وحضور رصين، ما جعلها مناسبة تماماً للتدريس في كنيسة باي الميثودية. وكانت زوجةً وأماً مُخلِصة، تبني مع زوجها أسرةً في منزلهما الجميل على ضفاف بحيرة إيري. ومن الخارج، بدا آل شيبارد كزوجين مثاليين.

ومع ذلك، لم تكن الأمور مثالية كما بدت. فقد خان سام زوجته ماريلين، وكانت علاقتهما الزوجية متوترة، رغم محاولتهما إصلاحها. لكن كل ذلك انتهى بعيد منتصف ليل 4 يوليو 1954، حين قُتلت ماريلين شيبارد بعنف في سريرها.

في مساء ما قبل عيد الاستقلال، استضاف آل شيبارد أصدقاءً للاحتفال في منزلهم بباي فيلج. شاهدوا فيلماً وتبادلوا الحديث، ثم ودّعوهم بعد منتصف الليل بقليل. صعدت ماريلين إلى الطابق العلوي لتضع إبنها في الفراش وتخلد للنوم، بينما قال سام إنه غفا على أريكة في الطابق السفلي.

وبحلول الصباح، كان كل شيء قد تبدّل. فقبل الساعة السادسة صباحاً بقليل، اتصل سام بعمدة باي فيلج، سبنسر هوك، وأخبره أن ماريلين ماتت. وعندما وصلت الشرطة لاحقاً، وجدته مشوشاً. أما في الطابق العلوي، فكان المشهد أشد هولاً: كانت ماريلين مطروحة على سريرها، غارقة في الدماء، بعد أن ضُرِبت حتى الموت.

كان الهجوم وحشياً. فقد تعرضت ماريلين لأكثر من 30 إصابة في الرأس والوجه؛ وقد رُفع الجزء العلوي من بيجامتها، وخُفض الجزء السفلي. غطّى الدم السرير والجدران وحتى الأثاث المحيط. وأكد التشريح أنها قاتلت دفاعاً عن حياتها، لكنها عجزت عن مجاراة مهاجمها.

نام ابن آل شيبارد الصغير، تشِب، طوال فترة الهجوم على ما يبدو، ولم ينبح كلب العائلة. في البداية، زعم سام أنه اشتبك مع “متسلل كثيف الشعر”، ولاحقه حتى ضفة البحيرة قبل أن يفقد الوعي. ولاحظ المحققون أن سرواله كان مبتلاً وأن على ركبته لطخة دم.

غير أن تناقضات روايته أثارت الشكوك سريعاً، وأصبح سام شيبارد محور التحقيق.

المشتبه به الرئيسي في جريمة أوهايو الوحشية

قال سام للمحققين إنه كان نائماً في الطابق السفلي حين أيقظته صرخة ماريلين. وادعى أنه هرع إلى غرفة نومهما فرأى رجلاً طويلاً كثيف الشعر يعتدي على زوجته. وقبل أن يتمكن من التدخل، تعرّض لضربة أفقدته الوعي. وبعد أن أفاق، قال إنه طارد الدخيل إلى الشاطئ، ثم أغمي عليه مجدداً، وبعدما استعاد وعيه عاد إلى المنزل واتصل بصديقه وجاره، العمدة سبنسر هوك، قرابة الساعة 5:40 صباحاً.

لكن رجال التحري لم يجدوا أي مؤشرات على دخول قسري. وبعد العثور على كيسٍ قماشي يحوي ساعة يد ملطخة بالدم، وخاتماً أخوياً، ومفتاحاً، خلص الطبيب الشرعي لمقاطعة كاياهوغا، سام جيربر، إلى أن مشهد السطو مُلفَّق. واعتبر إصابات سام شيبارد مثيرة للريبة، ولاحظ قلّة انفعاله حيال مقتل زوجته.

فهل كانت ماريلين شيبارد ضحية اقتحام عشوائي أم أن الأمر كان أكثر شخصية؟ وفق مقال عام 2023 في مجلة كليفلاند، حملت الصفحة الأولى من صحيفة كليفلاند برس بتاريخ 20 يوليو/تموز 1954 عنواناً يقول: “شخصٌ ما يفلت من جريمة قتل!”

أُوقف سام شيبارد ووجّهت إليه تهمة قتل ماريلين. ومنذ البداية، ركّزت وسائل الإعلام أقل على المأساة وأكثر على علاقة سام المزعومة بعشيقته. وبعد إنكاره في البداية، اعترف لاحقاً. وهكذا حوّل الاستعراض الإعلامي الأنظار عن الضحية إلى الحياة الخاصة للطبيب.

مَثل سام للمحاكمة في أكتوبر 1954. ورغم أن الدفاع قدّم شهوداً قالوا إنهم رأوا “رجلاً كثيف الشعر” قرب الموقع، أدانته هيئة المحلفين في النهاية بجريمة قتل من الدرجة الثانية، وحُكم عليه بالسجن المؤبد. لكن بعد عقد، نقضت المحكمة العليا الأميركية الحكم، معتبرةً أن المحلفين تضرروا من تدخل الإعلام والتغطية المتحيزة. وفي إعادة المحاكمة عام 1966، بُرّئ سام شيبارد.

ومع ذلك، لم يُغلق الملف.

مارلين كما تم إيجادها في مسرح الجريمة

أدلة الحمض النووي ومشتبهٌ آخر

في فبراير 1997، أظهرت اختبارات DNA جديدة لأدلة من مسرح جريمة قتل ماريلين وجود دمٍ ومنيٍ يعودان إلى شخصٍ ليس ماريلين ولا سام، وفق تقرير لوس أنجلوس تايمز آنذاك. ورجّحت النتائج أن العيّنتين تعودان للرجل المجهول نفسه، ما دعم رواية سام القديمة بأن متسللاً قتل زوجته. والمثير أن العيّنة شاركت علامة وراثية واحدة مع ريتشارد إيبرلينغ، وهو عامل تنظيف نوافذ سابق في منزل آل شيبارد، لكنها لم تكن مطابقة قاطعة.

كان تشِب، نجل سام، مقتنعاً بقوة بأن والده أُدين ظلماً. وعلى مرّ السنين، اعتبر إيبرلينغ هو القاتل الحقيقي. فقد عمل إيبرلينغ في منزل آل شيبارد، واعترف بأنه نزف هناك قبل أيام قليلة من الجريمة. ولاحقاً، أُدين بقتل امرأة مُسنة تُدعى إثيل دوركين.

وخلال محاكمة مدنية تخص إيبرلينغ، شهدت مُساعِدة ممرضة سابقة، كاثلين ديال، بأن إيبرلينغ اعترف لها بقتل ماريلين. وقالت إنه أقرّ بضرب سام على رأسه وبسحق ماريلين ضرباً، قائلاً: “أنا قتلتها، وضربت زوجها على رأسه بدلو، وقد عضّتني بقوة”.

اجتاز إيبرلينغ اختبار كشف الكذب آنذاك، ولم تُوجَّه إليه أي تهم جنائية. ومع ذلك، ظلّ سلوكه مثيراً للريبة لسنوات. إذ سرق خاتماً من منزل ماريلين وقدّم روايات متضاربة عن كيفية إصابته أثناء عمله هناك. وفي مقابلة قبل وفاته، وصف مشاهدته لمسرح الجريمة الملطّخ بالدماء ومغادرته بسرعة، لكنه لم يشرح مطلقاً سبب وجوده في المكان أساساً. تُوفي إيبرلينغ في السجن عام 1998.

بعد أكثر من سبعين عاماً على مقتلها الوحشي، لا تزال جريمة ماريلين شيبارد بلا حل. ورغم كفاح ابنها لتبرئة اسم والده، ما زال كثيرون يرون سام المشتبه الأبرز.

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
اظهر جميع التعليقات
error: نظرًا لكثرة حالات سرقة المحتوى من موقع تحقيق وإستخدامه على اليوتيوب ومواقع اخرى من دون تصريح، تم تعطيل خاصية النسخ
0
ما رأيك بهذه المقالة؟ شاركنا رأيكx
()
x