لغز الفندق: هل كانت جينيفر فرغيت جاسوسة أم امرأة عابرة

وُجدت جثة امرأة ممددة على السرير، ومسدس صغير موضوع على نحو غريب في يدها اليمنى، مع إبقاء إبهامها على الزناد؛ وثقب واحد في الجبهة. بدت الحالة كأنها انتحار واضح، لكن المحققين سرعان ما رصدوا عدة امور: لم تكن تحمل أي أوراق تثبت هويتها، وكانت الغرفة خالية من أي دلائل تُشير إلى شخصيتها الحقيقية.

الواقع أنها بذلت جهداً بالغاً لإخفاء هويتها؛ إذ سجّلت الدخول باسم مستعار ودفعـت نقداً، كما أزالت الملصقات عن قطع الملابس القليلة الموجودة في الغرفة، وحتى الأرقام التسلسلية عن مسدس براونينغ عيار 9 ملم المصادَر بجانبها.

لم يكن هناك وسيلة مؤكدة لمعرفة من تكون أو ما الذي كانت تفعله، باستثناء دليل غامض واحد: الشيء الوحيد الذي لم يُعدَّل لإزالة المُعرّفات كان ساعتها، وهي ساعة سيتيزن أكوالاند كانت ترتديها في معصمها الأيسر.

بحسب أي تعريف، تُعدّ الأكوالاند ساعة أدوات متينة، وهي على وجه التحديد ساعة غوص ذات نسب عسكرية قوية، مع نسخ صدرت لوحدات عدة منها الخدمة البريطانية للقوارب الخاصة (SBS) والفريق البري الدنماركي. كانت الأكوالاند الضخمة خياراً غير متوقع لامرأة بلجيكية شابة أنيقة؛ بدت وكأنها خارج السياق.

صورة من ملف الشرطة لمسرح الجريمة

بعد قرابة ثلاثة عقود، ما تزال وفاة “جينيفر فيرغيت” لغزاً مُحيراً. بعض الفرضيات حول موتها متأثرة بلا شك بصورة هوليوود عن عالم الاستخبارات؛ ويعتقد كثيرون إلى أنها ربما كانت “جاسوسة” أو “قاتلة مأجورة”.

كلما تعمّقنا في هذه الحادثة، وجدنا أنفسنا أمام أسئلة أكثر من الإجابات. غير أن أمراً واحداً يبدو مؤكداً: ساعة سيتيزن الخاصة بها تشكّل قطعة من الأحجية قد تُقدّم مؤشرات عن هويتها ومهنتها.

إذن كيف بدأت القصة؟

في 29 مايو 1995، أوسلو، النرويج سجّلت المرأة دخولها إلى فندق راقٍ دون استخدام بطاقة ائتمان، مستعملةً اسماً مستعاراً : “جينيفر فيرغيت”. وتذكر تقارير متضاربة أنها ربما كانت برفقة رجل يُدعى “لويس فيرغيت”، أُضيف لاحقاً إلى سجل الغرفة. كتبت “جينيفر” عنواناً غير موجود في بلجيكا على بطاقة التسجيل، ودوّنت تاريخ ميلاد يُظهر أنها في الحادية والعشرين، بينما قدّر اختصاصيو الطب الشرعي عمرها بنحو ثلاثين عاماً. وكما ورد في سلسلة نتفلكس “ألغاز غير محلولة”، قضت الأيام التالية خارج الغرفة مع تعليق لافتة “الرجاء عدم الإزعاج” على الباب.

في الثالث من يونيو، بعد أيام من تسجيلها الدخول، طرق موظفو الفندق باب الغرفة 2805 لمحاولة تحصيل دفعة من فيرغيت. وأثناء وجود أحد العاملين عند الباب، سُمِعَت طلقة نارية من داخل الغرفة. ترك الموظف المكان دون رقابة مدة 15 دقيقة ليُحضر رئيس الأمن. وعند عودتهم، كان الباب مقفلاً من الداخل. وبعد دخولهم، أفادوا بشمّ رائحة البارود، على الأرجح بفعل إطلاق حديث داخل مساحة مغلقة، ورأوا الجثة على السرير، والحذاء لا يزال في قدميها.

قد تدفعنا الأحداث المحيطة ومسرح الجريمة إلى استنتاج أنها امرأة يائسة عقدت العزم على الانتحار والاختفاء إلى الأبد؛ لكن كثيرين افترضوا أنها كانت في الحقيقة “عميلة استخبارات”، وربما حتى “قاتلة مأجورة” جرى التخلص منها عقب مهمة فاشلة. وفي الوثائقي، رأى الضابط السابق في جهاز الاستخبارات النروجي أولا كالداغر أن “جينيفر” كانت ضابطة استخبارات، وأن وفاتها صيغت لتبدو كعملية انتحار، رغم أنها، بحسب تقديره، أُعدِمت.

تسجيلها الدخول للفندق بإسم جينيفر فيرغيت

هل هي ضابطة استخبارات فعلاً؟

من زاوية عالم الاستخبارية، تبدو سمات فيرغيت منسجمة مع ملف ضابطة استخبارات. استخدام الفنادق لأتمام العمليات الجاسوسية قديم قِدم التجسس نفسه ولا يزال ممارسة شائعة حتى اليوم، رغم أنه بات أصعب مع انتشار الرقابة التقنية الشاملة. وبالاستناد إلى سجلات قارئ بطاقات المفاتيح، كانت غائبة عن الغرفة لفترات مطوّلة، منها مرة قاربت 20 ساعة، ما قد يوحي بنشاط غريب.

يمكن للجواسيس او العاملين مع الإستخبارات الى السفر كثيرًا لحضور اجتماعات الفنادق والسفر من أجل مهام اخرى. استخدام الأسماء المستعارة القابلة للتخلص أمر معتاد، وقد اشيع عن الجواسيس الروس إلى حدّ تبنّي هوية طفل متوفّى، إذ يمكن الحصول على الاسم وتاريخ الميلاد من سجلات المقابر أو الكنائس.

عامل آخر يشي بأن “جينيفر” استخدمت أدوات الحرفة يتعلق بملابسها. فقد أظهر تفتيش الغرفة قلة المتعلقات الشخصية، باستثناء عدة قطع لملابس الجزء العلوي مثل السترات والمعاطف الخفيفة، يمكن إستخدامها لتبديل المظهر أثناء القيام بالمهمة. ورغم أن إزالة أي متعلقات بالملابس ليست ممارسة شائعة دومًا، فإن الجواسيس يُدرَّبون عند العمل بهوية مستعارة على التخلص من كل محتويات الجيوب وأي ما يمكن أن يعرّف بهم.

صورة الساعة من أدلة الشرطة

هل تم اغتيالها؟

كان هناك فارق زمني يبلغ 15 دقيقة بين سماع طلقة النار ووصول أمن الفندق. أُغلِقَت الغرفة من الداخل، وهو أمر يمكن نظرياً أن ينفذه محترف خلال انسحاب سريع.

أشار المحققون إلى القبضة غير الطبيعية للمسدس، وإلى غياب رذاذ الدم على يد “جينيفر” كدلالتين محتملتين على وجود مطلق نار آخر. وُجد ثقب رصاصة ثانٍ عبر وسادة إلى الفراش، ما قد يكون نظرياً طلقة اختبار من جينيفر أو طلقة تحذيرية لإخافة موظف الفندق عند الباب. ويُذكر أن كثيراً من أجهزة الاستخبارات نفّذت عمليات قتل مُوجّهة بحيث تبدو كأنها انتحار؛ وأبرز الأمثلة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي و”الموساد” الإسرائيلي، وهما جهازان لهما سجل نشاط عملياتي في النرويج.

أما بالنسبة لساعة سيتيزن أكوالاند هي أداة مُصمَّمة لغرض محدد ومتينة للغاية، مخصّصة للعمل تحت الماء، ومزوّدة بمقياس عمق وجدول حدود عدم إزالة الضغط على السوار. وبمعايير ساعات الأدوات، تكاد تكون نموذجاً خالصاً لوظيفة الأداة.

صدرت نسخ متعددة من الأكوالاند لوحدات العمليات الخاصة البحرية في أنحاء أوروبا، بما في ذلك البحرية الإيطالية، وحدات العمليات الخاصة البريطانية، ولا سيما فرع للقوات البرية الدنماركي. ويجدر التوقف عند كون الساعة مُصدَرة للقوات البرية الدنماركية، نظراً لكون الدنمارك تجاور النرويج حيث عُثر على “جينيفر”.

ورغم أن الارتباط لا يعني السببية، فإن سيتيزن أكوالاند ليست ساعة يرتديها المرء مصادفة، كما أن ارتداءها يتعارض بوضوح مع الملابس شبه العصرية التي وُجدت مع المرأة. في عالم الاستخبارات، تُعد الساعة المتينة ضرورة، كما أن الجمع بين العرضين التناظري والرقمي يوفّر أداة فعّالة للتجسّس. في التسعينيات، كانت الأكوالاند شائعة بين الغواصين، ومن الوارد تماماً أن تكون المرأة خلف اسم جينيفر فيرغيت هاوية غواصـة تعيش قرب الساحل أو تسافر إليه بكثرة. وكما قال جيسون هيتون، هاوي الغوص : “أصبحت الأكوالاند عملياً آخر ساعة غوص صُنعت من أجل، واشتراها، الغواصون الحقيقيون الذين يحتاجون أداةً لقياس زمن الغوص”.

من قبيل القفز التحليلي الجزم بأن قوة صلات الساعة بالمؤسسة العسكرية وكونها ساعة مُصدَرة يعني أن “جينيفر” من المحتمل أن تكون ضابطة استخبارات. لكن ماذا يمكن أن تخبرنا الساعة؟ لمعرفة ذلك، ينبغي النظر إلى ما وراء مجرّد النوع والطراز.

وفق تحقيق صحفي لجريدة VG، فإن سيتيزن أكوالاند بالمرجع CQ-1021-50 صُنعت قبل ثلاث سنوات في يناير 1992، وتحمل الرقم التسلسلي C022-088093 Y, 2010779, GN-4-S، وقد أكّدت سيتيزن في اليابان هذه المعطيات. احتوت الساعة ثلاث بطاريات سويسرية من نوع Renata 370 صُنعت في ديسمبر 1994. نُقِش على البطاريات نقشٌ خشن “W395”، ما رآه المحققون دلالةً على تركيبها في مارس 1995، وأن حرف “W” قد يشير إلى أحرف صانع الساعة الأولى. اقترحت منصات إلكترونية أن الساعة بيعت في ألمانيا، لكن لا دليل قاطعاً يثبت ذلك.

ويُذكر أن الساعة بيعت لاحقاً في مزادٍ للشرطة. جدير بالتنويه أن صنّاع الساعات كثيراً ما يدوّنون أعمالهم بنقشٍ خفيف على الغطاء الداخلي للساعة أو، كما هنا، على البطارية نفسها بملاحظة محفورة يدوياً، كي يعرف صانعو الساعات لاحقاً ما أُنجِز ومتى.

يوصَف عالم الاستخبارات كثيراً بأنه “متاهة مرايا”، حيث تتعقّد الحقيقة ولا يبدو أي شيء على ما هو عليه. تحدثنا إلى جون سايفر، الذي تولّى قيادة عمليات روسيا في وكالة الاستخبارات المركزية، لتقييمه للحادثة. وشرح سايفر، الذي خدم أيضاً في الدول الإسكندنافية خلال التسعينيات، أن النرويج وسائر بلدان الشمال لطالما كانت موضع اهتمام روسي بسبب القرب الجغرافي والقضايا الاستراتيجية مثل بحر البلطيق والنفط وبوصفها منفذاً إلى أوروبا الغربية. وفي أكتوبر 2022، اعتقلت وكالة الأمن الداخلي النرويجية ميخائيل ميكوشين، يُشتبه بانتمائه إلى الاستخبارات العسكرية الروسية كان يتظاهر بأنه أكاديمي برازيلي يُدعى خوسيه أسيس جياماريا.

آنا تشابمان، روسية اعتُقلت في الولايات المتحدة ترتدي ساعة يوليس ناردان. وبناءً على المعطيات المتاحة، قال سايفر إن من الممكن أن تكون فيرغيت ضابطة أو مصدرَ استخبارات روسي، لكن من المرجح بالقدر ذاته أن تكون متورطة في الجريمة المنظمة، وهذان المساران لم يكونا دائماً متعارضين في ذلك الزمن.

الجريمة المنظمة الروسية

أوضح سايفر أنه في التسعينيات انتقل كثير من ضباط لجنة أمن الدولة السابقين إلى العمل مع شبكات الجريمة المنظمة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وكانوا من القلّة القادرة على استخدام البنوك الدولية وتنفيذ مهام بفاعلية في أوروبا. وفي سنوات ما بعد الحرب الباردة كان هناك “قدر أكبر بكثير من التداخل بين الجريمة المنظمة الروسية والاستخبارات، وغالباً ما كانا مترادفين. يقولجيمس وولسي، مدير وكالة الاستخبارات المركزية بين 1993-1995:

“إن صادف أن بدأت حديثاً مع روسي بليغ يتحدث الإنجليزية… يرتدي بدلة بقيمة 3000 دولار وحذاء غوتشي، وأخبرك أنه مدير في شركة تجارة روسية… فهناك أربعة احتمالات. قد يكون كما يقول. وقد يكون ضابط استخبارات روسياً يعمل تحت غطاء تجاري. وقد يكون منتمياً إلى جماعة للجريمة المنظمة الروسية. لكن الاحتمال المثير فعلاً هو أنه قد يكون الثلاثة معاً، ولا تواجه أيّ من هذه المؤسسات الثلاث مشكلة في هذا الترتيب.

وعلى الرغم من أن ملامحها قد تنسجم مع ضابطة أو جاسوسة روسية، فلا تتوفر مؤشرات تربط فيرغيت مباشرة بروسيا.

استخبارات ألمانيا الشرقية

أوضح سايفر ظاهرة مماثلة لدى ضباط استخبارات ألمانيا الشرقية السابقين الذين وظّفوا مهاراتهم بحثاً عن عمل بعد توحيد ألمانيا وحلّ وزارة أمن الدولة (الشتازي). كان ضباط الشتازي على تماس وثيق مع المسؤولين السوفييت، ويُعرفون بحدة ذكائهم وكفاءتهم، وغالباً ما استقطبتهم الأجهزة الروسية لتنفيذ عمليات في أوروبا. كما أن تحرّك المواطنين الألمان داخل أوروبا كان يسيراً ولا يثير الريبة.

ورغم أن ذلك يبقى استدلالاً مبنياً على معطيات جزئية، فمن المحتمل أن تكون فيرغيت ضابطة استخبارات ألمانية شرقية سابقة تعمل لحساب الاستخبارات الروسية أو لصالح تنظيم إجرامي. وهناك إشارات عدّة إلى صلاتها بألمانيا الشرقية، منها لكنتها عند التسجيل في الفندق والتحليل الجنائي لحمضها النووي. كما أن بعض ملابسها، وربما ساعتُها، مصدرها ألمانيا؛ ما يعزّز الفرضية القائلة إن الساعة خضعت للصيانة في ألمانيا.

الموساد، إسرائيل واتفاقات أوسلو

يُذكر أن فندق أوسلو بلازا كان من المواقع التي جرت فيها مفاوضات سرية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن اتفاق أوسلو الثاني، الذي وُقّع بعد أشهر قليلة من وفاة فيرغيت. ورغم أن الأدلة ظرفية فقط، يُحتمل وجود صلة ما بهذا الحدث، وأن فيرغيت كانت عميلة إسرائيلية أو هدفاً لعملية اغتيال نفّذها الموساد.

للموساد تاريخ طويل في العمليات ذات الأغطية العميقة والاغتيالات الموجّهة. ففي يناير 2010، اغتال فريق من الموساد (كثير منهم بهويات أوروبية مستعارة) المسؤول في حماس محمود المبحوح في غرفته بفندق في دبي عبر حقنة جعلت الوفاة تبدو طبيعية. وقد أُقفلت الغرفة من الداخل ولم تُكتشف الجثة إلا في اليوم التالي.

بطاقة هوية للشتازي استخدمها فلاديمير بوتين حين كان ضابطاً في بين 1985-1990 في دريسدن بألمانيا الشرقية. عُثر على البطاقة في أرشيف شتازي

نفّذ الموساد فعلياً عملية اغتيال فاشلة واحدة على الأقل في النرويج: ففي عام 1973، حين أخطأ فريق هدفه فظن نادلاً مغربياً أنه حسن سلامة، العضو في منظمة أيلول الأسود، أطلقوا عليه 13 طلقة من مسدس عيار 22، فيما عُرف لاحقاً في الأوساط الاستخبارية بـ“حادثة ليلهامر”. ورغم عدم وجود ما يربط فيرغيت مباشرة بإسرائيل، يُعرف عن الموساد اعتماده على مزدوجي الجنسية لتنفيذ عملياتٍ سرية وخفية.

ومن الجدير بالتنويه أنه رغم إصدار إسرائيل عدداً من ساعات الغوص لوحدات نخبوية، فلا نعرف عن صلة مباشرة بين سيتيزن أكوالاند وبين قوات الدفاع الإسرائيلية أو الموساد.

مع أننا لا نستطيع الجزم، توجد عدة شذوذات في هذه القضية توحي بأن المرأة المعروفة باسم “جينيفر فيرغيت” ربما انخرطت في نشاطٍ استخباري. ومع ذلك، يبقى محتملاً تماماً أنها كانت متورطة في نشاط غير مشروع آخر أو ربما عملت كمرافقة. كثيراً ما يُشار إلى التجسس بأنه “ثاني أقدم مهنة في العالم”، ويتشابه أحياناً في ملامحه مع الأولى.

واقع عالم الاستخبارات أكثر اعتيادية مما تصوّره هوليوود. ومع ذلك، فإن الاغتيالات والأغطية العميقة وعملياتٍ عالية المخاطر على غرار الأفلام تحدث فعلاً. وفي جمع المعلومات الاستخبارية، نادراً ما تكتمل القطع، وما تزال صورة هذا الحدث حتى الآن غير واضحة. نحن لا نرى سوى جزءٍ من القصة، وربما لا يكون حتى خاتمتها.

قد تكون هذه عملية سرية نفّذها الروس أو الإسرائيليون أو غيرهم من الأجهزة، لكن من المرجّح بالقدر نفسه أنها قضية امرأة يائسة أرادت مغادرة هذا العالم دون أن تترك أثراً. وإن صحّ هذا الاحتمال، فهي بلا شك حقّقت مقصدها.

ما هو رأيك؟

Warning