بدت آشلي بينيفيلد شابة محظوظة للوهلة الأولى فهي عارضة أزياء وراقصة باليه، تعمل في مجال السياسة، وتزوّجت بعد قصة حب سريعة تشبه الحكايات الخيالية.
التقت بزوجها دوغ بينيفيلد خلال عشاء رسمي عام 2016 وتزوّجا بعد 13 يومًا فقط. لكن ما كان خلف هذه الصورة لم يكن كما بدا.
ادعت آشلي أن زوجها دوغ كان مسيئًا؛ فقد أطلق مرة رصاصة في سقف منزلهما أثناء شجار، وكانت تخشى أن يضع السم في شايها. نتيجة لذلك انتقلت للعيش مع والدتها ومنعت دوغ من رؤية ابنتهما. رفعت قضايا ضده مرارًا أمام المحاكم، لكن القاضي رفض مزاعمها واعتبرها غير صحيحة.
في 27 سبتمبر 2020 أطلقت آشلي النار على دوغ فقتَلته داخل منزل والدتها في ليكوود رانش بفلوريدا. أخبرت الشرطة أنها تصرفت دفاعًا عن النفس بعد أن اندفع دوغ نحوها، إلا أنها وُجهت لها بعد شهر تهمة القتل.
خلال محاكمة وصفتها وسائل الإعلام بمحاكمة “البجعة السوداء”، رأت النيابة أن آشلي اختلقت قصة إساءة دوغ حتى تحصل على الحضانة الحصرية لطفلتهما. أدانتها المحاكمة لاحقًا بتهمة القتل الخطأ (القتل غير العمد نتيجة الإهمال) وحُكم عليها بالسجن عشرين عامًا. يبقى السؤال: هل كانت هذه قصة زوجة بغيضة تبحث عن انتقام، أم أنها كانت تصرفًا أخيرًا للنجاة بعد سنوات من مناشدات الاستغاثة التي لم تُستجب؟

في أغسطس 2016 حضرت آشلي بايرز، البالغة من العمر 24 عامًا، عشاءً سياسيًا في بالم بيتش بينما كانت تعمل ضمن حملة دونالد ترامب الانتخابية. هناك التقت دوغ بينيفيلد، أرمل يكبرها بثلاثين عامًا.
كانت زوجة دوغ قد توفيت قبل ذلك بتسعة أشهر، تاركة له مسؤولية تربية ابنته المراهقة بمفرده. انجذب فورًا لآشلي، الراقصة وعارضة الأزياء السابقة، وتزوجها بعد 13 يومًا فقط من لقائهما.
شهدت آشلي لاحقًا خلال محاكمتها المعروفة باسم “البجعة السوداء”، عام 2024: «كان حنونًا ومهتمًا جدًا بي. كنا نضحك كثيرًا وكان يجعلني أشعر بأنني مميزة ومحبوبة».
ومع ذلك تحولت الأمور بسرعة إلى الأسوأ. بعد بضعة أشهر فقط من الزواج نشب بينهما شجار محتدم على خلفية خلاف حول ابنة دوغ. أخرج دوغ مسدسًا ووضعه على رأسه مهددًا بالانتحار ثم أطلق رصاصة في سقف المطبخ. ذكر صديقه تريب كورميني لاحقًا أن دوغ اتصل به بعد الحادث وقال: «لقد ارتكبت أغبى فعل في حياتي».
ولم تتوقف أعمال العنف عند هذا الحد بحسب شهادة آشلي. في صيف 2017 اكتشفت أنها حامل فانتقلت للعيش مع والدتها في فلوريدا بعد أن كانت تقيم مع دوغ في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا، خصوصًا وأن دوغ كان منشغلًا بإدارة شركة باليه كانت آشلي قد رغبت في تأسيسها، ولم يتمكن من رعايتها عندما أصبحت طريحة الفراش في الأشهر الأولى من حملها.
ثم في سبتمبر 2017 قررت آشلي بينيفيلد الانفصال عن دوغ بشكل نهائي.

في الليلة التي غاب فيها دوغ عن المنزل عادت آشلي لتأخذ حاجياتها وتركت له رسالة تقول فيها: «منذ اكتشافي للحمل وأنت تظهر سلوكًا ذهانيًا وغير منطقي وغير آمن جعلني أخشى على حياتي وسلامتي وسلامة طفلي الذي لم يولد بعد… لا تلاحقني أو تزعجني أو سأتوجه للشرطة للحصول على أمر تقييدي».
في الرسالة سردت آشلي أمثلة على سلوكيات عنيفة نسبتْها إلى دوغ، مثل الصراخ، والشتائم، ورمي الأشياء، وحتى إيذاء كلبهما. ونقلت Vanity Fair عام 2021 رسالةً نصّها أن دوغ أرسل لها مبادرًا بالاعتذار قائلاً إنه لا يعرف كيف يرد، وإنه يأسف لكونه لم يكن رجلًا أقوى أو أفضل، ووعد بأنه لن يتصرف كما وصفت.
تمسكت آشلي بموقفها وبقِيَت في فلوريدا مع والدتها، لكن حالتها الصحية لم تتحسّن. عانت من آلام في الصدر والمعدة فقررت إرسال خصلة من شعرها إلى مختبر، وأظهرت الفحوصات مستويات مرتفعة من الألمنيوم والكوبالت والزنك والقصدير والباريوم في جسدها. استنتجت أن دوغ كان يسممها بالشاي الذي كان يحضره لها صباحًا.
زدت هذه الشكوك عندما أرسل دوغ عبوات شاي كهدية في عيد الميلاد، فاحتفظت ببعض العينات وذهبت بها إلى مركز الشرطة لفحصها. ورفضت رؤية دوغ طوال فترة حملها، ولم تسمح بمقابلته ابنتهما إيمرسون عند ولادتها في مارس 2018، حتى أن اسمَه لم يُدرَج على شهادة الميلاد. وعندما بلغت إيمرسون ثلاثة أشهر، أدخلت آشلي الرضيعَ عدة مراتٍ إلى غرفة ضغط منخفضة الأكسجين طبيّة (حجرة الضغط) ضمن محاولات «إزالة السموم» التي نسبتْها إلى التعرض المزعوم للسم أثناء الحمل.

في يوليو 2018 تقدمت آشلي إلى المحكمة بطلب إصدار أمر تقييدي ضد دوغ، لكن القاضي رفض كل ادعاءاتها بشأن التعرض للإساءة، قائلاً: «لا توجد ذرة من الدليل الموثوق تفيد بأن السيدة بينيفيلد قد تسممت أو أصيبت بأي مرض بسبب سم». وفي نهاية الجلسة تقرر أن يتقاسما هما الاثنان حضانة ابنتهما.
على مدى العامين التاليين تصالحت الشريكان عدة مرات؛ جلسا للعلاج معًا وخططا حتى للانتقال إلى ماريلاند حيث نشأت آشلي.
لم تستمر المصالحة طويلاً. في أغسطس 2019 أصبح دوغ متشككًا في سلوك آشلي واستأجر محققًا خاصًا، فاتضح له أن آشلي على علاقة بشخص آخر، فقدم دوغ فورًا طلب طلاق. من جهتها قدّمت آشلي مزاعم تتهمه بالإساءة الجسدية والجنسية ضد إيمرسون، لكن خدمات حماية الطفل لم تجد دليلًا يدعم هذه الاتهامات.
رغم كل ذلك، كان دوغ يأمل أن يصلا لحل من أجل مصلحة إيمرسون، وقرر المضي قدماً في ترتيبات النقل إلى ماريلاند واستأجر شاحنة، قرار كان له عواقب مميتة لاحقًا.

في 27 سبتمبر 2020 كان دوغ وآشلي بينيفيلد في منزل والدة آشلي عندما اندلع بينهما شجار. بعد قليل، تقدمت آشلي إلى منزل أحد الجيران وهي تحمل مسدسًا وقالت: «أطلقت النار على دوغ دفاعًا عن نفسي».
اتصل الجار برقم الطوارئ ووصلت الشرطة فوجدت دوغ مصابًا بطلقين ناريين؛ أصاب رصاصة ساقه، بينما اخترقت رصاصة أخرى ذراعه ثم دخلت إلى تجويف صدره. نُقل إلى مستشفى قريب حيث أعلن عن وفاته بعد نحو ساعة.
شهدت آشلي لاحقًا في محاكمة «البجعة السوداء»: «بدأ يقترب مني ثم اندفع فجأة نحوي. فبدأت بسحب الزناد».
لكن نتائج التحقيق أظهرت غياب أي دليل على أن دوغ قد اعتدى جسديًا عليها تلك الليلة. لم تكن لدى آشلي أي جروح دفاعية ولا وُجدت علامات مواجهة أو صراع داخل المنزل. كما بينت تحليلات الطب الشرعي أن مسارات الرصاص لا تتوافق مع مواجهة وجهاً لوجه على مسافة قريبة.
وورد في إفادة شرطة مقاطعة ماناتي: «بناءً على مواقع دخول الطلقات في جسد دوغلاس، لا يبدو أنه كان مواجهًا لآشلي عندما بدأت بإطلاق النار. كما لا يظهر أنه اتخذ أي وضعية دفاعية أو قتالية. ولم يُعثر على سلاح بحوزته أو بالقرب منه».

تم توقيف آشلي وُجهت إليها تهمة القتل من الدرجة الثانية في 4 نوفمبر 2020. جذبت القضية اهتمامًا وطنيًا واسعًا ونالَت آشلي لقب «البجعة السوداء»، مستلهمًا الاسم من فيلم نفس العنوان الصادر عام 2010. وبحلول وقت محاكمتها عام 2024، عرف الإعلام القضية باسم «محاكمة البجعة السوداء».
رغم إصرار آشلي على أنها تصرفت دفاعًا عن النفس ومحاولات محاميها جعل القضية دفاع عن النفس استنادًا إلى قانون فلوريدا المعروف بـ«قف في مكانك»، لم تقبل هيئة المحلّفين روايتها. ربطت النيابة بين ادعاءات الإساءة التي قدمتها آشلي ومحاولتها الحصول على الحضانة الحصرية لطفلتهما إيمرسون، معتبرة أن تلك الادعاءات ملفقة لتحقيق مصلحة حضانة.
في المقابل قدّم دفاع آشلي سردًا مفاده أن دوغ كان مسيطرًا ومسيئًا، وأن موكلتهم كانت خائفة على حياتها وحياة ابنتهما. على المنصة أفادت آشلي بأن دوغ ضربها في وجهها قبل إطلاق النار مباشرة، وادعت أن ذلك كان أول اعتداء جسدي منه عليها. قدّم الدفاع أيضًا رسالة نصية من زوجته الراحلة رينيه، تُشير إلى سلوك عنيف مبكر في زواجهما، بما في ذلك ركلها أثناء شهر العسل ووضع مسدس على رأسه.

لكن بخصوص الإصابات الظاهرة، لم تُسجّل على آشلي أية جروح واضحة عقب الواقعة سوى خدش طفيف بدا غير مرتبط بالحادث. أدى ذلك إلى شكوك لدى المحلّفين بشأن روايتها. وفي 30 يوليو 2024 أدانت هيئة المحلفين آشلي بتهمة القتل الخطأ (القتل غير العمد نتيجة الإهمال أو دون السابقة الإجرامية المطلوبة للقتل من الدرجة الثانية)، وهي تهمة أخف من تهمة القتل من الدرجة الثانية الأصلية.
حُكم على آشلي بالسجن 20 عامًا تليها 10 سنوات خضوعًا للإشراف (مراقبة مشروطة)، وتقضي الآن عقوبتها في مؤسسة هومستيد الإصلاحية في فلوريدا.
المرأة التي كانت راقصة باليه طموحة ووجهًا صاعدًا في المشهد الفني بتشارلستون أصبحت مدانة بارتكاب جريمة قتل. وتظل آشلي تؤكد أنها كانت ضحية إساءة تصرفت دفاعًا عن النفس.


