عندما تم قتل خوسيه وكيتي مينينديز في بيفرلي هيلز في ليلة صيفية من عام 1989، فإن وفاتهما العنيفة صدمت لوس أنجلوس. ولكن جريمتهما الوحشية لم تكن سوى البداية. لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى تم اتهام ابنيهما، لايل البالغ من العمر 21 عامًا وإيريك البالغ من العمر 18 عامًا، بقتلهما، وقصة إخوة ميندينديز سرعان ما أثارت اهتمام أمريكا.
في محاكمة مليئة بالأحداث المفصلة – التي كانت تُذَاع على قناة “كورت تي في” الجديدة في ذلك الوقت – اعترف لايل وإيريك بقتل والديهما في 20 أغسطس 1989. لكن كلاهما نفى قتل والديهما فقط من أجل المال بدلاً من ذلك، زعم لايل وإيريك أنهما قتلا خوسيه وكيتي بعد سنوات من الإساءة العاطفية والجسدية والجنسية المستمرة.
بينما كانت الأمة ترقب بفضول، وصف لايل وإيريك مينينديز سنوات من المعاملة السيئة التي قالوا إنهما تعرضا لها على يد والديهما، وتقديم وصفًا مفصلًا للاعتداء الجنسي الذي تعرضوا له، وتقديم حكايات عن شخصية والدهما القاسية.
هذه هي قصة الإخوة مينينديز وجريمة قتل والديهم..
الأخوة مينينديز، وحياتهما المترفة
كأطفال، بدا لايل وإيريك مينينديز أنهما يمتلكان كل شيء، وُلِد الولدين عامي 1968 و1970 على التوالي، وترعرعا في ضاحية ثرية في نيو جيرسي مع والديهما، خوسيه، الكوبي المهاجر الذي بنى ثروته بنفسه، وكيتي، ملكة جمال سابقة، لكن الإخوة مينينديز ادعوا لاحقًا أن طفولتهم المثالية كانت مجرد منظر- يخفى بعض الحقائق المظلمة جدًا.
شدَّد والدهما الذي تقدَّم من غاسل صحون إلى أن يصبح تنفيذيًا ناجحًا في مجال الترفيه على لايل وإيريك، وفقًا لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، أراد خوسيه من أبنائه أن يصبحوا نجوم كرة المضرب حتى قام بتعيين مدرب خاص لإعطائهم دروسًا، كان يطالب بالتفوق من كلا أبنائه ومدربيهم، حيث قام أحد المدربين بالاستقالة بسبب الإحباط.
كان خوسيه متوترًا أيضًا خارج الملاعب التنس. تقول صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” إنه كان يتوقع من أبنائه أن يكون لديهم القدرة على إجراء محادثات حول مواضيع مثل السياسة الدولية، وأحيانًا كان يمنحهم محاضرات تستغرق ساعات.
والأكثر من ذلك، ادعى الإخوة مينينديز لاحقًا أيضًا أن خوسيه اعتدى جنسيًا عليهما، قالت إحدى بنات عمهم لشبكة “إيه بي سي نيوز” أنه عندما كان ليل في الثامنة من عمره وكانت هي في سن 17 عامًا، أخبرها بأن والده قام بالتحرش به. وأخبرت الابنة التابعة لكيتي بذلك، ولكنها لم تعتقد أن والد الصبي يصدق كلامها.
مع مرور السنوات، بدأت الشقوق تظهر في عائلة ميندينديز. بعد أن انتقلوا إلى جنوب كاليفورنيا لعمل خوسيه في عام 1986، بدأ إيريك ولايل يروطان أنفسهما بمشاكل بسبب سرقتهما من منازل جيرانهم. تقول مجلة “روولينغ ستون” إن سلسلة الجرائم تلك أثارت غضب خوسيه لدرجة أنه قام على ما يبدو بتعديل وصيته حتى يحصل ابناه على حصة أقل. وفقًا لشبكة “إيه بي سي”، كان حتى يفكر في إزالة اسماء ابنيه تمامًا من وصيته.
ولكن قبل أن يحصل خوسيه على فرصة، قُتِل هو وزوجته بطريقة وحشية.
داخل أحداث جريمة قتل كيتي وخوسيه مينينديز
في 20 أغسطس 1989، اتصل لايل ميندينديز البالغ من العمر آنذاك 21 عامًا بالشرطة في حالة هستيرية، وقال: “أطلقوا النار وقتلوا والديّ”، بكى بحرقة، خارج المنزل، كان شقيقه إيريك البالغ من العمر 18 عامًا يصرخ بينما وصلت الشرطة.
وفقًا للإخوة مينينديز، قضوا المساء في مشاهدة فيلم، وبسبب حاجة إيريك لهوية شخصية في تلك الليلة، عادوا إلى منزل العائلة لإحضارها – فوجدوا والديهما ميتين.
“عندما أدركنا ما حدث بعد أن اتصلنا بالشرطة”، كما شرح إيريك وفقًا لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، وأكمل: “بدأنا ننهار، هذان ليسا مجرد شخصين، هذان والدينا”.
تم إطلاق النار على خوسيه على الأقل خمس مرات عندما كان على الأريكة، حيث تعرض لجروح مميتة في الرأس بالإضافة إلى جروح في الذراعين والساقين، أما كيتي، فقد أُطلقت عليها النار 10 مرات، حسبما يبدو أنها حاولت الفرار من مهاجميها.
ووفقًا لمجلة “روولينغ ستون”، بدا حزن الإخوة مينينديز حقيقي حقًا لدرجة أن الشرطة لم تتبع إجراءاتها المعتادة أثناء فحص مكان الجريمة، لم يُخضِعوا الإخوة مينينديز لفحص يديهم للبحث عن بقايا رصاص ولم يُجروا مقابلة رسمية حتى شهرَيْن بعد وفاة خوسيه وكيتي. كانت جرائم القتل المزدوج المروِّعة، في البداية توحي أنها من عمل عصابات.
مع مرور الوقت، بدأ إخوة مينينديز يثيران شكوك المحققين. إنفق لايل وإيريك 700 ألف دولار من ثروة والدهما التي تبلغ 14 مليون دولار خلال ستة أشهر، حيث قاما بإنفاق كبير على سيارات فاخرة وساعات ومدربي تنس وعطلات استوائية.
أوضح المحقق ليز زولر أن المحققين بدؤوا حقًا في الشك في الإخوة عندما علموا أن إيريك كتب سيناريو لفيلم يصور فيه شخصية قتل والديه للحصول على المال الذي تركه، لاحظ المحققون أيضًا أن إخوة مينينديز قدموا بعض التفاصيل الغريبة حول ليلة وفاة والديهم، مثل رؤية دخان السلاح في الهواء – شيء يجب ألا يستمر لفترة طويلة بعد إطلاق الأعيرة.
تم تأكيد شبهات السلطات بطريقة صادمة عندما خرجت عشيقة الطبيب المعالج د. جيروم أوزيل – الذي كان يعالج إيريك – وقدمت شرائط تسجيلية لإعتراف إيريك ولايل بقتلهما لوالديهما. وفي مارس 1990، تم اعتقال الإخوة مينينديز .
محاكمة الإخوة مينينديز العلنية
بينما استمرت الجدل حول ما إذا كانت شرائط أوزيل التي قُدمت قابلة للقبول في المحكمة أم لا، فإن محاكمة إيريك ولايل مينينديز اجتذبت اهتمام الأمة، في عام 1993، تم بث القضية على قناة “كورت تي في” الجديدة – وتم تقديم دراما عائلة مينينديز مباشرةً إلى البيوت الأمريكية.
وكما روى إخوة مينينديز، جاء قتل والديهما بعد سنوات من الإساءة العاطفية والجسدية والجنسية. لقد تعرضوا لـ “الضرب بالحزام”، وقد قدَّم كلا الشقيقين شهادات مروعة عن الإساءة الجنسية التي تعرضوا لها على يد والدهم خوسيه.
“كُنَّا في دورة المياه، وهو كان يجعلني أركع على ركبتي… ثُمَّ يُجبرُني على ممارسة الجنس الفموي ”، أدلى لايل بشهادته، حيث ادعى أن الإساءة استمرت منذ عمر الست سنوات وحتى عمر ثمانية سنوات، وأكمل: “اغتصبني”.
ادعى إيريك أيضًا أنه تعرض للإساءة الجنسية على يدي والده، قائلاً للمحلفين: “كان يأمرني بممارسة الجنس الفموي، وكان يدخل الإبر أو الدبابيس في فخذي أثناء ذلك”.
ادعى الشقيقان أيضًا أنهما كانت لديهما علاقة مع والدتهما كيتي. قال كلاهما إنهما كانوا ينامان في سريرها كمراهقين عندما يغيب خوسيه، وزعم لايل أنه كان يلمس جسدها “في كل مكان”.
على الرغم من هذه التفاصيل المروعة، استمرت الادعاءات بأن إخوة مينينديز قاموا بقتل والديهما بدم بارد من أجل المال. حكمت المحكمة العليا في كاليفورنيا بأن شرائط الاعترافات قابلة للقبول في المحكمة، وتبيَّن من خلال التحقيقات أن الشقيقان اشتروا الأسلحة التي استخدموها في الجريمة باستخدام بطاقة هوية مسروقة. وبالإضافة إلى ذلك، كان قد أخبر لايل صديقًا بأنه قام بحذف وصية والده المعدلة بعد وفاته.
أين هما الأن الإخوة مينينديز، وهل ندما على فعلتهما؟
وبعد نهاية محاكمتي الشقيقين بسبب خلافات في الآراء في عام 1994، عُادوا إلى المحكمة في عام 1995 لإجراء محاكمة جديدة – حيث تم منع تسجيل الفيديو – وتم إدانتهما بجريمة القتل من الدرجة الأولى في عام 1996، وحُكِمَ على الإخوة مينينديز بالسجن مدى الحياة، حيث لازالا هناك حتى يومنا هذا.
على الرغم من أن لايل وإيريك ميندينديز حُكِمَ عليهما بالسجن مدى الحياة في عام 1996 – حيث كانوا في البداية في سجون منفصلة ثم نقلوا للعيش معًا في سجن ريتشارد ج. دونوفان التأهيلي في سان دييغو – إلا أنهما لا يزالان يجذبان الأضواء وهما خلف القضبان. تزوج كلا من إخوة مينينديز، وفتحا قلبهما للإعلام حول جريمتهم السابقة.
صرَّح لايل مينينديز لشبكة “إيه بي سي نيوز” في عام 2017: “أنا الشاب الذي قتل والديه، ولا يغير ذلك أية قطرات دموع، ولا يُغَير ذلك أية ندم. أقبِل ذلك. غالبًا ما تُرسم حياتك بأحداث قصيرة، ولكن هذا ليس انت، حياتك هي مجموعة تفاصيل بأكملها… لا يمكن تغييرها. وأنا محتجز بسبب القرارات التي اتخذتها”.
لازال إيريك ولايل يستمران في الإصرار على قصتهما بأنهما قاما بقتل خوسيه وكيتي بسبب الإساءة الجنسية، وأن مشاجرة نهائية سبقت الجرائم.
وأوضح لايل، الذي أدعى أنه كان غاضبًا عندما اكتشف لأول مرة أن والده كان يعتدي جنسيًا على إيريك: “كان الأمر كأنني حافظت على جزء من هذا العذاب مع الشيطان ولكن (والدي) لم يفعل. وأمي، تعلم، لقد دعيتِ أطفالَكِ يعيشون في بيت مغتصِب طفل كل يوم”.
ولكن بعض أفراد عائلتهما يرفضون تصديق ادعاءاتهم، صرَّح برايان أندرسن، شقيق كيتي مينينديز، لشبكة “إيه بي سي نيوز” بأن إيريك ولايل قاما بأفعالهما بسبب الطمع، وليس لأنهم تعرضوا للإساءة من والديهما.
صرح أندرسن: “لم يكن هناك أية مؤشرات على حدوث أي نوع من الإساءة على الإطلاق. أعتقد أن الدافع كان محصورًا في المال فقط”.
بغض النظر عن دوافعهم، فإن قضية الإخوة مينينديز لا تزال واحدة من أبشع قصص الجرائم الحقيقية في التسعينات، إن قصتهم تتحدث عن الانتقام والطمع، والعنف وتذكِّرنا بشكل مؤلِم بأنه في نهاية المطاف، لا أحد يعرف بالضبط ما يحدث خلف الأبواب المغلقة.
المصدر: مجلة رولينغ ستون/ مكتب تحقيقات لوس أنجلوس