قصة باركر وهولم، الصديقتان اللتان ارتكبتا أشهر جريمة في نيوزلندا

بولين باركر وجوليت هولم تبدوان كفتاتين مراهقتين عاديّتين تمامًا. لكن في 22 يونيو 1954، الذي سوف يتذكره النيوزيلنديون لعقود قادمة، ارتكبتا جريمة قتل وحشية ضد والدة باركر، أونورا ريبر. أصبحت المراهقتان مهووستان ببعضهما البعض وبالعالم …

تحذير - قد تحتوي المقالة على مشاهد ونصوص مزعجة وحساسة، يرجى اخذ الحيطة.

بولين باركر وجوليت هولم تبدوان كفتاتين مراهقتين عاديّتين تمامًا. لكن في 22 يونيو 1954، الذي سوف يتذكره النيوزيلنديون لعقود قادمة، ارتكبتا جريمة قتل وحشية ضد والدة باركر، أونورا ريبر. أصبحت المراهقتان مهووستان ببعضهما البعض وبالعالم الخيالي الذي صنعتاه، وكانتا تعتقدان أن ريبر ستشكل عائقًا أمام مستقبلهما المشترك المثالي.

أثارت المحاكمة التي تلت الجريمة فضول ودهشة المجتمع النيوزلندي مما جعل فصل من قصتهم لإنتاج فيلم سينمائي بعنوان Heavenly Creatures (1994) من إخراج بيتر جاكسون. فمَّا هو بالضبط الذي أدى إلى جرائم القتل التي قامت بها باركر وهالم.

هذه هي القصة الكاملة، من كيف بدأت الفتاتان في الترابط، إلى كيفية تخطيطهما لما سمته باركر “ يوم الحدث السعيد”، وحتى أين هما الآن.

بداية صداقة مصيرية

لم يكن بوسع أحداهما أن يظهر أكثر تباينًا من الآخر، فلقد وُلِدَتْ بولين باركر (التي استخدمت اسم عائلة رير حتى قضت المحكمة بأن والديها غير متزوجين) في نيوزيلندا. وفقًا للمقال المنشور على موقع هافينغتون بوست، كان والدها يديران محل سمك وكانت والدتها تدير دار سكن.

بالمقابل، وُلِدَت هولم في إنجلترا. وكانت ابنة الفيزيائي المشهور الدكتور هنري رينسفورد هولم، الذي ساهم في بناء أول قنبلة هيدروجينية بريطانية. بينما كانت باركر ذو ملامح عادية وقصيرة القامة وشعرها داكن، كانت هولم طويلة وجذابة وتتحدث بلكنة إنجليزية.

جوليت هولم

بدا الفتاتان وكأنهما تأتيان من عوالم مختلفة تمامًا، لكنهما ترابطتا سريعًا عندما انتقلت هولم إلى كريستشيرش في نيوزيلندا مع عائلتها. كلاهما كان يعاني من مشاكل صحية (باركر من التهاب العظام وهولم من السُّل)، وذكرت شبكة SyFy أنهما أصبحتا صديقتين أثناء قضاء وقت فراغهما في دروس التربية البدنية.

ولكن صداقة باركر وهولم سارعت بأخذ منحى مظلم.

كيف أدت صداقة باركر وهولم إلى جريمة قتل؟

كان لدى كل من بولين باركر وجوليت هولم خيال غني. مع تعمق صداقتهما، قامتا بابتكار عالم خيالي يُسمى “العالم الرابع” وخلقتا دينًا يُعبَد فيه بعض المشاهير مثل ماريو لانزا باسم “القديسين”، وفقًا للمقال الذي نُشر في مجلة نيوزيلندا الأسبوعية للنساء.

معًا، كتبت المراهقتان قصصًا تدور في العالم الرابع وحلمتا يومًا ما بنشر روايات. تدرج انغماسهما في هذا العالم التخيلي تدريجيًّا – وزاد ابتعادهم عن واقعهم.

في الوقت نفسه، يبدو أن الفتاتين طورتا هوسًا عميقًا ببعضهما. على الرغم من أن بولين باركر قضت وقتًا كبيرًا في منزل هولم، إلا أن الفتاتين أصبحتا مُنْعَزِلَة عند فصلهما، وحتى تعانيان من مشاكل صحية.

جوليت هولم على اليمين، وبولين باركر على اليسار

وفقًا لشبكة SyFy، بدأت عائلتيهما تشعران بالقلق من أنهما قد طورتا علاقة مثلية، في ذلك الوقت، كان المثلية الجنسية تعتبر مرضًا من الأمراض العقلية في نيوزيلندا وكانت تعتبر كجريمة.

ولكن في عام 1954، قرر والدي هولم الطلاق وأعلنوا أن هولم ستذهب إلى جنوب أفريقيا للإقامة مع الأقارب، كان والدي هولم مستعدين لدعوة باركر للانضمام إلى ابنتهما، لكن باركر شعرت أن والدتها اونورا ريبر لن تسمح بذلك.

فكرت بولين باركر في سن السادسة عشرة وجوليت هولم في الخامسة عشرة في خطة لقتل ريبر وجعله يبدو كحادث.

“لماذا لا تموت أمي؟” تأملت بولين باركر في يومياتها، وفقًا لصحيفة نيوزيلندا هيرالد: “عشرات الأشخاص يموتون طوال الوقت، لا أفهم، فلماذا ليس أمي وأبي أيضًا”.

في 22 يونيو 1954، اليوم الذي وصفته بولين باركر في يوميتها بأنه “يوم الحدث السعيد”، دعت هي وجوليت هولم أونورا ريبر للخروج للتنزه. ذهب الثلاثة إلى حديقة فيكتوريا، حيث استمتعوا بالشاي مساءً ثم خرجوا للتجول في الحديقة.

جوليت هولم على اليمين وبولين باركر على اليسار

ثم، وفقًا لصحيفة نيوزيلندا هيرالد، قادت الفتاتان ريبر إلى حقل من الزهور وعندما انحنت ريبر لالتقاط الزهور، بدأت بولين باركر في ضربها بالطابة المغلفة في جورب. قامت الفتاتان بالتناوب في ضرب أونورا أكثر من 20 مرة.

بعد وفاة ريبر، هربت الفتاتان إلى كشك الشاي الذي قاموا بزيارته وصرخن للحصول على المساعدة. مغطيتان بالدماء، أخبرتا أصحاب الكشك بأن ريبر سقطت وضرب رأسها.

لكن سرعان ما أصبح واضحًا أن شيئًا مشؤومًا أكثر قد حدث، أشارت التحقيقات فيما بعد إلى أن “والدة بولين باركر تعرضت لهجوم وحشي من قبل شخص وليس حادث عادي”، وعثرت الشرطة على الطابة الملطخة بالدم قرب المكان.

تم اعتقال بولين باركر وجوليت هولم واتهمتا بقتل أونورا ريبر. لم يستغرق طويلًا حتى أصبحت محاكمتهما تجذب اهتمام نيوزيلنديين في جميع أنحاء البلاد.

محاكمة بولين باركر وجوليت هولم

بولين باركر

عندما انتشرت أخبار جريمة بولين باركر وجوليت هولم، فإن النيوزيلنديين انصدموا، كانت الفتاتان صغيرتي السن، والجريمة التي ارتكبتاها وحشية، وكان محاكمتهما مليئة بادعاءات مثيرة.

تمكن الادعاء العام من الحصول على يوميات باركر، التي تحتوي على تفاصيل حول خطط باركر وهولم لقتل والدة باركر. تقارير مجلة وومان ويكلي في نيوزيلندا تفيد أنه قبل أيام قليلة من الجريمة، وصفت باركر كيف كانت “متحمسة” هي وهولم للخطة. كتبت باركر: “بالطبع نشعر بالقلق إلى حد ما لكن متعة الإنتظار رائعة”.

بعد يومين، أضافت: “قررنا استخدام صخرة في جورب بدلاً من حقيبة رمل. ناقشنا الجريمة. أشعر بالتوتر، كما لو كنت أخطط لحفلة مفاجئة.”.

في الوقت نفسه، قام الدفاع بتقديم حجة بأن الفتاتين مصابتان بـ “folie à deux”، وهو اضطراب هلاوس مشترك، على أمل إثبات أن باركر وهولم كانتا مضطربتان عقليًا عندما قتلتا أونورا ريبر.

“المشكلة كانت في أنهما اعترفتا بهذا الأمر، والدفاع الوحيد الذي كان لدينا هو الجنون، ولكن كيف يمكننا إثبات جنونهما؟” صرح محامي الدفاع برايان مكليلاند، وأكمل: “ثم جاء هذا السيد ريجينالد مديلكوت بفكرة رائعة بأنه يمكن أن يكون لديهما اضطراب folie à deux، فقررنا التبعية لهذه الفكرة.”.

شهدت المحاكمة أيضًا اتهامات بأن باركر وهالم كانتا في علاقة مثلية، شيء نفته الاثنتان لاحقًا. نظرًا لأن المثلية الجنسية كانت غير قانونية في نيوزيلندا في ذلك الوقت، فإن التكهنات حول ميولهما لم تزد إلا من درامية المحاكمة.

جوليت على اليمين وبولين على اليسار

وفي النهاية، انتهت محاكمة بولين باركر وجولييت هولم بنتيجة متوقعة.

في 28 أغسطس 1954، تم إدانة الفتاتين بالقتل. حُكم عليهما بـ “الحبس خلال فترة غير معلومة” وهو حُكم يطبق على الأشخاص المدانين دون سن الثامنة عشرة حيث يتم احتجازهم لفترة غير محددة استنادًا إلى تقديرات القاضي، في النهاية قضت كل منهما خمس سنوات في سجون منفصلة.

ماذا حدث لبولين باركر وجولييت هولم بعد الإفراج عنهما؟

الحياة المختلفة بعد قضاء سنوات في السجن

في العقود التي مضت منذ إطلاق سراحهما من السجن، أسست بولين باركر وجولييت هولم حياة جديدة تمامًا ومنفصلة. على الرغم من أنه تم اخبارهما بضرورة الإبتعاد عن التواصل مع بعضهما البعض، يبدو أن باركر وهولم ابتعدتا عن بعضهما تلقائيًا.

باركر، التي غيرت اسمها إلى هيلاري ناثان، عاشت حياة مختلفة في المملكة المتحدة. أصبحت متدينة كاثوليكية وأمضت أيامها في تعليم الأطفال ركوب الخيل. صرحت شقيقتها وندي لـ “New Zealand Women’s Weekly” أن ناثان ليس لديها “اتصال بالعالم الخارجي” وأنها تشعر بالندم بشدة على قتل والدتها.

جوليت هولم

من ناحية أخرى، نشأت جولييت هولم لتعيش حلمًا تخيلته هي وصديقتها في الطفولة. بعد إصدار فيلم “Heavenly Creatures” عام 1994، الذي يروي قصة جريمة باركر-هولم، تعقبها الصحفيون واكتشفوا مفاجأة أنها أصبحت كاتبة أكثر مبيعًا لروايات الجريمة والغموض تحت اسم مستعار آن بيري.

عندما سُئلت عن جرائم طفولتها، قالت بيري إنها لا تقضي الكثير من الوقت في التفكير في ما فعلته هي وبولين باركر.

“سأقوم فقط بتعذيب نفسي وهذا لن يساعد أحدًا”، قالت وفقًا لصحيفة نيوزيلندا هيرالد. في النهاية، قالت إن أونروا ريبر كانت “شخصًا لم تعرفه تمامًا”، تُوفيت آن بيري في أبريل 2023 عن عمر يناهز 84 عامًا.

إلا أن الجريمة التي ارتكبتها بولين باركر وجولييت هولم لا تزال مشهورة في نيوزيلندا وخارجها. لم يكن قتلهما لوالدة بولين فقط عملاً شنيعًا، بل رفع أيضًا أسئلة غير مريحة حول الجانب المظلم للخيال والصداقات المقربة.

المصدر: صحيفة نيوزلندا هيرالد

سيتم نشر التعليق فور الموافقة عليه.

أضف تعليق