قصة جريمة القرن، إيفلين نيسبت التي سقطت في مثلث الهوس، الغيرة والقتل

في بداية القرن العشرين، لم يستطع الأمريكيون التجول في أي مكان من دون أن يروا وجه إيفلين نيسبت. ظهرت صورة هذه العارضة الشابة والجميلة على غلاف المجلات وأعمال الفن وإعلانات معجون الأسنان. وفي عام 1907، …

تحذير - قد تحتوي المقالة على مشاهد ونصوص مزعجة وحساسة، يرجى اخذ الحيطة.

في بداية القرن العشرين، لم يستطع الأمريكيون التجول في أي مكان من دون أن يروا وجه إيفلين نيسبت. ظهرت صورة هذه العارضة الشابة والجميلة على غلاف المجلات وأعمال الفن وإعلانات معجون الأسنان. وفي عام 1907، أصبحت نجمة “محاكمة القرن” بعد قيام زوجها بقتل أحد أحبائها السابقين.

أسرت المحاكمة اهتمام الأميركيين في جميع أرجاء البلاد وكشفت جانبًا مظلمًا من حياة نيسبت التي بدت ساحرة. لم تكن قصتها قصة شامبانيا وحفلات، وإنما كانت قصة اعتداء جنسي وتلاعب وعُنْف.

هذه هي قصة كيف أصبحت إيفلين نسبيت واحدة من أشهر السيدات في أميركا، وماذا حدث لها بعد أن بدأت نجوميتها الباهرة تتلاشى.

من هي إيفلين نيسبت وكيف صعدت إلى الشهرة؟

ولدت في 25 ديسمبر 1884 في ولاية بنسلفانيا، وجدت فلورنس إيفلين نيسبت الشهرة منذ صغرها. بعد أن تركت وفاة والدها عائلتها محرومة من المال، نجحت نيسبت في كسب المال كعارضة للفنانين ابتداءً من سن الرابعة عشرة.

وقد كتبت نيسبت في ذكرياتها: “العمل كان متعبًا بصورة معقولة. لم تكن الوضعيات صعبة بشكل خاص. في الغالب أرادوا تصوير وجهي لم أكن أقوم باستخدام جسدي في هذه الوضعيات مثلما كنت استخدمه لأعمال التصوير عارية، في بعض الأحيان يصوروني على أنَّنِي فتاة شرقية صغيرة ترتدي زي امرأة تركية، بألوان زاهية، مع حبال وأسور حول رقبتي وذراعَي”.

في عام 1900، انتقلت نيسبت إلى مدينة نيويورك لمواصلة حياتها كعارضة أزياء. حققت شهرة كبيرة وأصبحت صورتها شائعة جدًا حيث ظهرت في أعمال فنية وعلى غلاف مجلات مثل فانيتي فير، وظهرت في الإعلانات لكل شيء بدءًا من التبغ إلى كريمات الوجه.

قبل وقت قصير، تمكنت نيسبت من تحويل شهرتها إلى مسيرة تمثيلية. ظهرت في فرقة الكورال في مسرحية بروادواي بعنوان “فلورودورا”، وسرعان ما حصلت على دور يشمل حوارًا في مسرحية “الوردة البرية”.

بصفتها عارضة أزياء وممثلة مطلوبة، كان بإمكان إيفلين نيسبت تأمين دخل مناسب لنفسها وأمها وشقيقها الأصغر. لكنها سرعان ما اكتشفت أن للشهرة جانبًا مظلمًا خارج التألق والبريق.

لقاء إيفلين نيسبت بستانفورد وايت

أثناء أدائها في مسرحية “فلورودورا”، التقت إيفلين نيسبت بستانفورد وايت، مهندس معماري بارز يشتهر بمشاريعه العديدة المشهورة والتي تشمل حديقة ماديسون سكوير الثانية، ومبنى تيفاني آند كمباني، وقوس واشنطن سكوير.

في البداية، كان الرجل البالغ من العمر 47 عامًا يتصرف كوالد تجاه العارضة ذات السادسة عشرة من العمر، فأغرق نيسبت بالمال والهدايا، حتى قدم لها شقة. وجدت فيه “ذكاءً” و”لطفًا” وأنه “آمن”.

“كان يتصرف تقريبًا كوالدي، وكان مهتمًا خاصة بمشروباتي”، هكذا استذكرت نيسبت لاحقًا: “حديث الجميع عنه كان جيدًا جدًّا، ولا شك في أنه عبقري ورجل طيب”، لكن اهتمام وايت بنيسبت لم يكن بريئًا كما يبدو.

أقنع وايت والدة نيسبت بزيارة الأقارب في ولاية بنسلفانيا، ثم استغل الفرصة للتوجه إلى العارضة المراهقة وذلك في غياب والدتها. دعا نيسبت إلى “حفلة” في شقته حيث كانت هي الضيفة الوحيدة، ثم قام بإعطائها الشامبانيا حتى فقدت الوعي.

“أعطاني شامبانيا، كان مُرًّا وطعمه غريب، ولم يُعجِبني كثيرًا”، هكذا استذكرت نسبِّتَ لاحقًا. “عندما استفقت، كنت قد جُردت من ملابسي”.

ولمدة عام بعدها، كانت نيسبت المراهقة عشيقة وايلد المتزوج، عندما بلغت 17 عامًا، انتهت العلاقة بينهما والتحقت نيسبت بالمدرسة في نيو جيرسي. ولكن بعد ذلك، انتبه رجلٌ آخر كبير بالسن أُعجب بإيفلين نيسبت، مما أدى إلى نتائج كارثية.

زواج إيفلين من هاري كندال ثاو

هارل ثاو

تعرضت إيفلين نيسبت لمطاردة من قبل العديد من الرجال، ولكن أحدهم، وهو هاري كندال الثري، كان عازمًا على جعلها زوجته. بعد أن حاول جذب انتباهها بالهدايا التي تراوحت بين الزهور والبيانو، استطاع ثاو أن يسحر نيسبت بدفع تكاليف سفرها مع والدتها إلى أوروبا بعد خضوعها لعملية استئصال الزائدة التيفية.

هناك، طلب ثاو الزواج من نيسبت مرارًا وتكرارًا، دون أن يُثنى عن ذلك بعد رفضها كل مرة. في النهاية، قررت نيسبت أن تخبره بالحقيقة حول ما حدث بينها وبين وايت.

“كان عنيدًا ومصممًا على شيء ”، هكذا كتبت في سيرتها: “لم يكن هنالك أي إعذار أو أسباب أو تفسيرات لإقناعه بأن زواجنا أمر غير مرغوب فيه، عرفت في لحظة أنَّه الآن يجب يعرف الحقيقة، وليكن ما يكن”.

غضب ثاو، الذي كان يكره وايت، ولكن ذلك لم يؤثر على رغبته في الزواج من نيسبت، للأسف بالنسبة لها، لم يكُن ثاو حبيبًا صالحًا كما بدا عليه، حتى قبل الزواج بدأ يعنفها.

“كانت عيناه مشدودة وكانت يديه تمسك سوطًا مصنوعًا من جلد الحيوان”، هكذا أفادت إيفلين نيسبت في شهادتها لاحقًا بشأن أحد تنعيفات ثاو لها في أوروبا، “أمسك بي بشدة، وضع أصابعه في فمي وحاول خنقي، ثم قام بضربي بالسوط المصنوع من جلد الحيوان عدة ضربات قاسية جدًا، حتى ملأت الكدمات جلدي”.

فعلاً، يذكر صحيفة نيو يورك بوست أن لثاو سمعة في نيو يورك باستخدام السوط ضد عاملات الجنس، وأنه كان منتظمًا في استخدام المخدرات مثل الهروين والكوكايين. ولكن تم إقامة حفل زفاف نيسبت وثاو في عام 1905.

سرعان ما تحول هذا الزواج إلى جريمة قتل.

زواج هارل ثاو من إيفلين وبدأ محاكمة القرن

بعد زواجه من إيفلين نيسبت، تصاعد هوس هاري ثاو بستانفورد وايت. وفقًا لما ذكره موقع Vice، كان يوقظها في منتصف الليل ويطالبها بإعادة سرد ما حدث بينهما مرة أخرى. كان ثاو مجنونًا من الغيرة، وقام أيضًا بتعيين محققين لمراقبة حركات وأنشطة وايت.

“هذا الرجل ثاؤُ‍ مجنون – إنَّه يتخيل أنَّ لديَّ شيئًا تجاه نيسبت”، قال وايت لصديق، “ثاؤُ‍ غير منطقي جدًّ‍‍‍ا في غيرتِ‍ه المجنُوْنَة على ‌زوجته، فلا شك أنه يتخيل صداقتي السابقة معها هي امتداد لشيء، وهو ضرب من الخيال، لا علاقة لي بها إطلاقًا”.

في 25 يونيو 1906، وصل هوس هاري ثاو إلى ذروته فيما يتعلق بستانفورد وايت. بعد أن وجد نفسه هو ووايت ونيسبت جميعًا يحضرون عرضًا لمسرحية “مامزيل شامبان” على سطح حديقة ماديسون سكوير الذي قام وايت بتصميمه، لكن عندما نهضت نيسبت وثاو للمغادرة، رجع ثاو فجأة. التفت نيسبت اليه، ورأت زوجها يرفع ذراعه. وبعد ذلك..

“سمعت دوي انفجار صاخب! ثانية! ثالثة!” كتبت نسبِّتَ في سيرتها، “كل ما حدث، حدث في ثانية بصورة سريعة لم أشعر بها – قبل أن يكون لأحد فرصة للتفكير أو الإجابة… منظر مشئوم، سقط ستانفورد وايت ببطء في كرسيه، انهار، وانزلق على الأرض!”.

أطلق ثاو النار على وايت ثلاث مرات. الرصاصة الأولى أصابت العمارة في كتفه، والثانية تحت عينه اليسرى، والثالثة اخترقت فمه. لقد توفي وايت فوراً، وتم اعتقال ثاو.

خلال “محاكمة القرن” التالية، أصبحت إيفلين نيسبيت شاهدة رئيسية. قدمت تفاصيل مشوقة عن علاقاتها مع وايت وثاو – بالدرجة التي حاولت فيها مجموعة كنسية تقديم طلب للرقابة على تغطية المحاكمة – ووقفت بجانب زوجها. ولم تكن نيسبت الوحيدة، فقد رأى معظم الأمريكيين في ثاو بطلاً يدافع عن شرف زوجته.

على الرغم من أن محاكمة ثاو الأولى في عام 1907 انتهت بعدم التوصل إلى قرار، إلا أن محاكمته الثانية في عام 1908 أسفرت عن تشخيصه بالجنون وقضائه بإرساله إلى مصحة. قضى بقية حياته يتردد بين المستشفيات النفسية – بما في ذلك محاولة هروب – لكن تم إلزامه بالبقاء دائمًا في مصحة للأمراض العقلية في عام 1916.

في عام 1915، تم طلاقه من إيفلين نيسبت. فماذا حدث لإيفلين نيسبيت، التي كان جمالها قد أدى إلى الشهرة والثروة والجريمة؟

حياة إيفلين نيسبت بعيدًا عن الأضواء والشهرة

إيفلين مع ابنها راسل كندال ثاو

بعد “محاكمة القرن”، كتبت إيفلين نيسبت مذكراتها، “قصة حياتي” عام (1914) و “أيام ضالة” (1934). قامت بتعديل تفاصيل هامة في شهادتها، وأصرت في المذكرة الثانية على أن الاعتداء الجنسي من قبل وايت لم يحدث أبدًا وأنها كانت نائمة.

أدت هذه التكهنات إلى اعتقاد أن نيسبت ربما تعرضت للضغط من قبل محامي ثاو ووالدته لتقديم مبرر لجريمة قتل وايت، على أي حال، كان عمر نيسبيت 16 عامًا فقط عندما بدأت علاقتها مع وايت، ومن المستبعد ان يدعو رجل امرأة لشرب الشمبانيا في منزله لأنه يشعر بالأبوة اتجاهها، ولكن نيسبت كانت أصغر من أن تفهم.

ظلَّت مشهورة بعد المحاكمة الشهيرة، أولًا كفنانة في العروض الترفيهية وبعدها كنجمة سينمائية صامتة. لكن إدمان نيسبت للمخدرات أنهى حياتها الفنية، وحاولت الانتحار في عام 1926.

في النهاية، غادرت نيسبت نيويورك وبدأت حياة جديدة في كاليفورنيا، حيث عاشت حياة هادئة تُعلِّم الخزف وتساعد ابنها راسل في تربية أطفاله حتى وفاتها في عام 1967 عن عمر يناهز 82 عامًا.

عند النظر إلى حياتها الماضية، يبدو أن نيسبيت وجدت القيمة في عائلتها فوق كل شيء آخر – الشهرة والمال والرجال.

“بعد أن نجحت في تربية راسل”، كتبت في مذكراتها لعام 1934 “أيام ضالة”، “لا أشعر بعد الآن أنني قد عشت بلا جدوى.”.

المصدر: جريدة نيويورك بوست، فاريتي، محكمة نيويورك

سيتم نشر التعليق فور الموافقة عليه.

أضف تعليق